وعن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل تحس بالوحي؟ فقال: أسمع صلاصل ثم أسكت عند ذلك، فما من مرة يوحى إلى إلا ظننت أن نفسى تقبض" وغير ذلك من الروايات السابق ذكرها (١) وهى روايات تبين لنا إلى أى مدى لاقى النبى صلى الله عليه وسلم من شدة أثناء تنزيل الوحي عليه حتى أن الملامس لجسده الشريف، كان يشعر به كما مر من حديث زيد بن ثابت رضى الله عنه، وحتى أنه صلى الله عليه وسلم يصرح بأنه ما من مرة يوحى إليه إلا ظن أن نفسه تقبض!.
فإذا كانت الروايات السابقة تبين لنا حاله صلى الله عليه وسلم بعد مزاولات ومعاهدات بالوحي، فما ظنك بحاله إذا نزل عليه الوحي لأول مرة، وهو غير ممارس لتلك الأهوال ولا حامل لهذه الأثقال؟!.
إن كل ما سبق من دخول الملك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى متعبده دون تمهيد، وتجلى الملك له، وقد سد الأفق، وغطه صلى الله عليه وسلم حتى بلغ منه الجهد، وأمره بالقراءة مع أميته، ونزل الوحي عليه، وهو ما لو أنزل على الجبال لتصدعت من خشية الله.
كل ذلك جعله يرجف فؤاده، ويخشى على نفسه، لا لريب عرضه، أو هول هاله، بل لضعف فطر عليه الإنسان. نعم وحق لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجف ويخشى، كيف وقد كان هذا أول معاملة اعترته! وفكر فى نفسك لو اعتراك ما اعتراه صلى الله عليه وسلم كيف يكون حالك؟!.