للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. أيقولون إن التاريخ يمكن وضعه – أيضاً – بإعمال الفكر، ودقة الفراسة؟ أم يخرجون إلى المكابرة العظمى فيقولون: إن محمداً قد عاصر تلك الأمم الخالية، وتنقل فيها قرناً قرناً، فشهد هذه الوقائع مع أهلها شهادة عيان أو أنه ورث كتب الأولين، فعكف على دراستها حتى أصبح من الراسخين فى علم دقائقها؟.

... إنهم لا يسعهم أن يقولوا هذا ولا ذاك، لأنهم معترفون مع العالم كله بأنه عليه الصلاة والسلام لم يكن من أولئك ولا هؤلاء. قال تعالى: {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين} (١) . وقال سبحانه: {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون} (٢) .

... فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، كان رجلاً أمياً، نشأ بين قوم أميين أربعين سنة من عمره، لم تظهر عليه فيها أمارات من علوم ومعارف تقارب ما جاء به القرآن والسنة، ثم يطلع علينا بين عشية وضحها فيكلمنا بما لا عهد له به، ويبدى لنا من أخبار تلك القرون الأولى ما أخفاه أهل العلم فى كتبهم، وحجبوه عن الناس. أفى مثل هذا يقول الجاهلون إنه استوحى عقله واستلهم ضميره؟.

رابعاً: لقد بين الله تعالى، أن الوحي أمر خارج عن نفس النبى صلى الله عليه وسلم وليس نابعاً من داخلها، بل حمله جبريل عليه السلام من عند الله إليه، كما قال سبحانه: {وإنه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين. بلسان عربى مبين} (٣) .


(١) الآية ٤٩ هود.
(٢) الآية ٤٨ العنكبوت.
(٣) الآيات ١٩٢ – ١٩٥ الشعراء.

<<  <   >  >>