للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. قال الحافظ: وقد تجرأ أبو بكر بن العربى كعادته فقال: ذكر الطبرى فى ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها (١) وهو إطلاق مردود عليه، وكذا رد الحافظ كلام القاضى السابق ذكره، ثم قال: وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد، فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أن لها أصلاً، وقد ذكرت أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح، وهى مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل، وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض، وإذا تقرر ذلك تعين تأويل ما وقع فيها مما يستنكر، وهو قوله: "ألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى" فإن ذلك لا يجوز حمله على ظاهره لأنه يستحيل عليه صلى الله عليه وسلم، أن يزيد فى القرآن عمداً ما ليس منه، وكذا سهواً، إذا كان مغايراً لما جاء به من التوحيد لمكان عصمته" (٢) .

... والكلام مع الإمام الحافظ ابن حجر فيما قاله يجرى على وجوه:

الوجه الأول: يتعلق بروايات القصة والتى ساقها الحافظ ثم عقب عليها بقوله: "وكلها سوى طريق سعيد بن جبير، إما ضعيف، وإما منقطع" (٣) أى فلا تقوم به حجة، وهذا نص قاطع من ابن حجر يضاف إلى نصوص الأئمة السابق ذكرها، فى أن روايات هذه القصة ضعيفة السند، واهية المخرج، لا تصلح للاحتجاج بها، بما فى ذلك طريق ابن جبير على ما سبق.


(١) ينظر: أحكام القرآن ٣/١٢٩٠.
(٢) فتح البارى، كتاب التفسير، باب سورة الحج ٨/٢٩٣.
(٣) فتح البارى فى الأماكن السابقة نفسها.

<<  <   >  >>