الوجه الثانى: يتعلق بعصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى بلاغ وحى الله تعالى، وعدم الخطأ فيه، لا عمداً ولا سهواً، وكذا عصمته من تسلط الشيطان عليه، وهى عصمة ثابتة له صلى الله عليه وسلم، بشهادة القرآن والسنة والتاريخ، وإجماع الأمة على ما سبق شرحه (١) وهو ما يتعارض مع ما جاء فى هذه القصة من تسلط الشيطان عليه، وإلقائه على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى ثنايا تلاوته آيات الله المنزلة بالوحي، أخبث كلمات الكفر التى تشيد بالأوثان مدحاً وتعظيماً، وهو ما ينقض بنيان العصمة من أساسه؟.
الوجه الثالث: يتعلق بالثقة بوحى الله تعالى إلى رسله، فإذا فتح للشيطان أدنى منفذ للتسلط على رسل الله تعالى، وتلقينهم أخبث الكفر، دون أن ينتبهوا إلى ما يلقى إليهم من ذلك، ويبلغوه إلى أممهم فيما يبلغونه عن الله تعالى، لم يبق للأمة ثقة فيما تسمع من رسولها، وهذا بلا شك، هدم لدعوات الرسل، وإبطال لرسالاتهم.
الوجه الرابع: يتعلق بالثقة بنبينا سيد الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم فى معرفته بأسلوب القرآن ومعانيه، معرفة لا تسمو عليها معرفة أحد، لأنه القيم على تمييز أسلوبه وروعة بيانه، والمثل الأعلى فى العلم بحقائقه الإيمانية، فإذا جاز أن يلقى إليه الشطان كلمات أخبث الكفر، فى أثناء تلاوته لآيات الله تعالى، الموطدة لدعائم التوحيد، وهدم الوثنية والشرك – كما تزعم أقصوصة الغرانيق – على سمع جموع المسلمين، والمشركين، ثم لا يتنبه لذلك، ولا يميز بين ما هو قرآن كريم من عند الله تعالى؛ وما هو كفر خبيث من إلقاء الشيطان، فماذا بقى لهذا الرسول الكريم من ثقة فى نفوس المؤمنين به؟.