للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. فقول الحافظ ابن حجر بعد سوقه كلام القاضيين أبى بكر بن العربى، وعياض: وجمع ذلك لا يتمشى على القواعد، فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها، دل ذلك على أن لها أصلاً. من أغرب قضايا العلم فى منهج الإسلام؛ فالأمر يتعلق بأقصوصة إذا سلمت كانت معولاً هداماً لأصل أصول الإسلام، بل أصل أصول الدين كله فى جميع رسالات الله تعالى إلى جميع أنبياءه ورسله، لأنها تطعن فى عصمة الأنبياء، وتقرر أن الشيطان صاحب سلطان عليهم، وهذه مزلقة لا ينتهى من يقع فيها إلا إلى هاويه لا قرار لها.

الوجه الخامس: أن قاعدة الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دلت على أن موضوع الروايات له أصل ليست على عمومها، ففى باب العقائد لا يقبل إلا النص الصحيح المقطوع بصحته، وفى غير أبواب العقائد من الأحكام الفرعية، فإن هذه القاعدة مقيدة، كما قال المحدثون. بالضعف الذى يزيله ما يجبره، وذلك إذا كان الضعف ناشئاً عن ضعف حفظ الراوى، أما الضعف الذى لا يزول لقوته، وتقاعد الجابر عن جبره ومقاومته فلا وزن له، ولو جاء من سبعين طريقاً متباينة المخارج، وذلك كالضعف الذى ينشأ من كون الراوى متهماً بالكذب – كما فى بعض روايات أقصوصة الغرانيق التى جاءت من طريق الكلبى (١) وهو كذوب ولا تجوز الرواية عنه، ومثل ذلك كون الحديث شاذاً (٢) .


(١) هو محمد بن السائب بن بشير الكلبى، متهم بالكذب، ورمى بالرفض، ورضوه فى التفسير، كما قال الحافظ فى تقريب التهذيب ٢/٧٨ رقم ٥٩٢٠، ولسان الميزان ٩/١٠٤ رقم ١٤٢٢١ وينظر: الضعفاء لأبى نعيم ص١٣٨ رقم ٢١٠، والضعفاء والمتروكين للنسائى ص٢١١ رقم ٥٣٩، والضعفاء الصغير للبخارى ص١٠٥ رقم ٣٢٢.
(٢) ينظر: فتح المغيث للسخاوى ١/٣١١ – ٣١٤، والتبصرة والتذكرة للعراقى ١/٢٩١، وتوضيح الأفكار للصنعانى ١/١٠٩ – ١١٣، والأجوبة الفاضلة لمحمد اللكنوى ص٣٦ وما بعدها.

<<  <   >  >>