للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ثم قال الحافظ ابن حجر: وقد ذكرت أن ثلاثة أسانيد منها – أى من روايات قصة الغرانيق – على شرط الصحيح، وهى مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض.

... قلت: إن هذا التعميم فى الاحتجاج بالمرسل عند من يقول به، ومن لا يقول به غير مسلم، لأن الخلاف فى الاحتجاج بالمرسل إنما هو فى أحكام الفروع، ولا يمكن أن يكون جارياً فى أصول العقائد، لأنها لا تثبت إلا بدليل صحيح، والمرسل ضعيف عند جمهور المحدثين كما قال الإمام مسلم: "إن المرسل من الروايات فى أصل قولنا، وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة" (١) وقال ابن الصلاح: "ثم اعلم أن حكم المرسل حكم الحديث الضعيف، إلا أن يصح مخرجه من وجه آخر، وما ذكرناه من سقوط الاحتجاج بالمرسل، والحكم بضعفه هو المذهب الذى استقر عليه آراء جماهير حفاظ الحديث، ونقاد الأثر" (٢) .

الوجه السادس: أن الأمام ابن حجر يرى فى القصة ما هو محال أن يقع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الزيادة فى القرآن عمداً أو سهواً، بيد أنه لم يشأ أن يقف عند هذه النتيجة التى كانت أمراً طبيعياً يسوق إليها البحث العلمى، وينتهى بها إلى أن هذه الأقصوصة أكذوبة باطلة، ما كانت تستحق أن تجول ساحبة ذيولها فى ساحة سيرة سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنه خضع لقواعد الصنعة فى غير محلها – حيث يمس الأمر العقائد – وراح يتشبث بالتأويل فيما رآه محالاً، وحكى من ضروب هذا التأويل أقوالاً كلها بعيدة عن نص روايات القصة. وحتى التأويل الذى استحسنه ورجحه بعض الأئمة، بالتأمل فيه ترى أنه غير مقبول، وترده نص روايات القصة (٣) .


(١) مقدمة صحيح مسلم، باب صحة الاحتجاج بالحديث المعنعن ١/١٦٣.
(٢) علوم الحديث ص٤٩.
(٣) ينظر: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم للشيخ عرجون ٢/٨١ – ٨٦ بتصرف.

<<  <   >  >>