للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. أما حديث أبى هريرة: فقيده ما أخرجه الطبرانى فى الكبير من حديث كريز بن أسامة (١) قال: قيل للنبى صلى الله عليه وسلم، العن بنى عامر، قال: إنى لم أبعث لعاناً" (٢) نعم! لم يبعث لعاناً لأناس بأشخاصهم، وإنما بعث رحمة، ولذا لما قالوا له صلى الله عليه وسلم: ادع على دوس، فقال: "اللهم اهد دوساً".

... فعن أبى هريرة قال: قدم الطفيل وأصحابه، فقالوا: يا رسول الله! إن دوساً قد كفرت وأبت. فادع الله عليها، فقيل: هلكت دوس فقال: "اللهم اهد دوساً، وائت بهم" (٣) .

... أما حديث: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر" فمقيد بما روى عن أبى ذر رضى الله عنه أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: لا يرمى رجل رجلاً بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه (٤) إن لم يكن صاحبه كذلك" (٥) .

... ففى قوله: "إن لم يكن صاحبه كذلك" تقييد لابد منه، وهو يقرر ما سبق من جواز لعن العصاة بصفة فعلهم دون أشخاصهم، مع التحذير من هذا اللعن، خشية أن يكون صاحبه لا يستحقه بصفة فعله، فيعود اللعن إلى من نطق به.


(١) صحابى جليل له ترجمة فى: أسد الغابة ٤/٤٤٢ رقم ٤٤٤٧، والإصابة ٣/٢٩٣ رقم ٧٤٠٢.
(٢) أخرجه الطبرانى فى الكبير ١٩/١٨٩ رقم ٤٢٤ قال الهيثمى فى مجمع الزوائد ٨/٧٢ وفيه من لم أعرفهم، وقال الحافظ فى الإصابة ترجمة كريز ٣/٢٩٣ رقم ٧٤٠٢، فيه "الرحال" بمهملتين، لا يعرف حاله، ولا حال أبيه، ولا جده أهـ.
(٣) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل غفار وأسلم ٨/٣١٦ رقم ٢٥٢٤.
(٤) يعنى: رجعت عليه، وفى رواية مسلم: "إلا حار عليه" أى: رجع.
(٥) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الأدب، باب ما ينهى عن السباب واللعن ١٠/٤٧٩ رقم ٦٠٤٥، وفى كتاب المناقب، باب منه ٦/٦٢٣ رقم ٣٥٠٨، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر ١/٣٢٥ رقم ٦١.

<<  <   >  >>