أولاً: فضل الصديق -رضي الله عنه- وهو السابق إلى الإسلام وهو أكثر الصحابة نفعاً للدعوة على الإطلاق، واسى النبي صلى الله عليه وسلم بأهله وماله ونفسه، ولما جعل الكافر يخنق النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر يذب عنه، ويقول:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}[غافر:٢٨].
وهو الذي دفع ماله كله في سبيل الله، وحمى النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة، وكان يبذل ماله للمسلمين، وكان يدعو إلى الله، وأسلم على يديه عدد من كبار الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وهو الوزير الأول للنبي صلى الله عليه وسلم، وصاحب الرأي الأعظم بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وأفضل الأمة بعد النبي عليه الصلاة والسلام، وهو خليفته من بعده، وهو الذي تصدى للمرتدين لما غُمّي الأمر على عددٍ من الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم فقام بالأمر، وهو الذي وقف ذلك الموقف المشهود، وكان أفقه الصحابة لما مات عليه الصلاة والسلام واضطرب الأمر، ثم تلا عليهم قول الله: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) [الزمر:٣٠] فكأن الناس سمعوها لأول مرة، ويظنونها نزلت الآن، فلما تلا عليهم الآية علم الناس أن النبي عليه الصلاة والسلام قد مات، وهو الذي قال في ذلك الموقف العظيم:[والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه للنبي صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه].
فلما رأى عمر إصرار أبي بكر علم أنه هو الحق، وأن الله قد شرح صدر أبي بكر للحق، وهو الذي أنقذ المسلمين في سقيفة بني ساعدة من التفرق رضي الله عنه، وهو الذي استتب بسببه الأمن في الجزيرة لما كفر العرب أجمعون، إلا أهل المدينة ومكة، وطائفة قليلة من العرب.
وبدأ في عهده التجهيز لغزو بلاد فارس والروم.
هذا الصديق هو أحب الرجال إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وبنته أحب النساء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حدث بينه وبين عمر هذه الخصومة.