للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الزوجة ومراعاة النفقة عليها]

فإذاً يراعي في الإنفاق حال الزوجة، البيت الذي هي منه، كيف كانت تعيش عند أبيها، القوم الذين هي منهم، فإذاً يراعى في الإنفاق على الزوجة ما يصلح لمثلها، قد تكون مثقفة تحتاج إلى نفقة غير الأمية، قد تكون من عائلة غنية غير العائلة الفقيرة، ونحو ذلك.

إذاً لا بد من مراعاة حال الزوجة عند الإنفاق عليها، ما هو الدليل؟ قال تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق:٧] وقال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:٢٢٨] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف).

إذاً لو أن أحداً قال: كم أنْفِق عليها؟ أعطيها شيئاً بيدها، هي تصرف على نفسها؟ أو أن أُنْفِق أنا عليها؟ وكم أنفق عليها؟ وكم يجب عليَّ؟ وما هي النسبة؟ وما هو المقدار؟ فالآية أجابت عن ذلك بقول الله تعالى: {بِالْمَعْرُوف} [البقرة:٢٤١] ما تعارف عليه الناس بينهم من الأمور المقرَّة بينهم.

فإذاً ينفق عليها بالمعروف، مثلاً: تحتاج إلى طعام لا بد أن يعطيها الطعام، تحتاج إلى شراب لا بد أن يوفر لها الشراب، تحتاج إلى فستان، تحتاج إلى جورب، تحتاج إلى خمار، حجاب، فلا بد أن يعطيها ذلك، فإذاً مرد الإنفاق إلى العرف وليس هناك مقدار معين للنفقة حددته الشريعة، وإنما جعل ذلك إلى العرف وإلى يسار الزوج وإعساره.

إذاً هناك أمران يتحكمان في النفقة على الزوجة: الأول: العرف.

والثاني: حال الزوج من الغنى والفقر، واليسار والإعسار.

هل هو متوسط الحال، هل هو فقير الحال، هل هو غني.

وعند النزاع يقدر القاضي مقداراًَ معيناً يوجب على الزوج أن ينفقه على زوجته عند النزاع، ويُراعي القاضي هذين الأمرين، مثلاً: إذا كان حال الزوج مع العرف ينفق عليها ألفاً في الشهر إذاً ينفق عليها ألفاً، يفرض لها ألفاً، سبعمائة، خمسمائة، فيُفرض للموسرة تحت الموسر من النفقة قدر كفايتها، مما تأكل الموسرة تحت الموسر في محلهما، ويُفرض لها كذلك من الكسوة، والفرش، والأثاث، ما يليق بمثلها في البلد، وكذلك المتوسط مع المتوسطة، والفقير مع الفقيرة، ونحو ذلك.

وعلى الزوج نفقة نظافة زوجته.

وكذلك فإن عليه أن ينفق عليها إذا طلقها طلاقاً رجعياً لأنها ما زالت في عصمته، أما طلاق البينونة الكبرى فلا نفقة لها، ولا سكنى، لحديث فاطمة بنت قيس عندما طلقها زوجها البتة -يعني: بالثلاث انتهت- فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نفقة لها ولا سكنى) إلا إذا كانت حاملاً فإنه لو طلقها الطلقة الأخيرة وهي حامل فلها النفقة لأجل الجنين الذي في بطنها الذي هو ولده وهو مكلف بالإنفاق عليه، ولا يمكن فصل الولد عن الأم؛ لأنه ما زال في بطنها، قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:٦] فإذاً لها سكنى ولها نفقة طيلة حملها حتى لو كان الطلاق مبتوتاً بالثلاث.

<<  <  ج: ص:  >  >>