للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حرمة المقابر وأحكام ذلك]

الثالث عشر: أن الموتى هم أهل المكان وساكنوه، فلا يجوز الاعتداء عليهم، فالميت إذا سبق الحي إلى الأرض فهو ساكنها مثل الأحياء، فلا يجوز لإنسان نبش القبور، ولا إخراج جثث المسلمين، أو يبني في المقبرة بيتاً أو يزرعها مثلاً؛ لأن الميت سبق الحي إلى المكان؛ وهذه حرمة للميت لا يجوز انتهاكها.

فالمقبرة بيوت الأموات؛ وبيوت الأموات لا يجوز انتهاك حرمتها، ولا يجوز إخراجهم منها إلا للأمر الطارئ والضروري كما إذا جاء سيل أخرج العظام عن مكانها، أو صار المكان ليس فيه حرمة مثلاً، فتُنْقَل عند ذلك الجثث والعظام إلى مكان آمن.

ونَبَّاش القبور عند بعض العلماء سارق تقطع يده، وبعض الناس يسرقون الجثث ويبيعونها على كليات الطب في بعض البلدان، فحكم نباش القبور عند بعض العلماء سارق تقطع يده، لأنه سرق من حرز؛ وهو الأرض، فإنها حرز للجثة، واستدل العلماء على ذلك بقوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتاً * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً} [المرسلات:٢٥ - ٢٦].

فالأرض حرز للجثة، فمن سرق الجثة قطعت يده، وهو مرتكب لكبيرة من الكبائر.

وبعض الناس يتساهلون في إخراج جثث الأموات ليبنوا بيوتاً أو للزراعة ونحو ذلك؛ وهذا حرام لا يجوز فعله مطلقاً، وهذا خاص بمقابر المسلمين.

وأما مقابر الكفار فليس لها حرمة، فإذا حصلت حاجة للأرض أُخْرجت جثث الكفار ونُقِلَت إلى أي مكان آخر.

والدليل على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبني المسجد النبوي المعروف، أخرج جثث قبور المشركين التي كانت موجودة، فدل ذلك على جواز إخراج جثث الكفار ونقلها للمصلحة.

أما قبور المسلمين لا يجوز العبث بها مطلقاً، ويجب أن تسوَّر المقبرة حتى تكون مصانة عن أيدي العابثين.

ولا يجوز أن تجعل مَجْمَعاً للقمامة أو النفايات.

ويجب أن تصان القبور عن كل شيء يفسدها أو يضر بها، كالمشي فوقها، أو المشي بينها بالنعال، أو القعود عليها، أو جعلها مجمع نفايات، أو مأوى للكلاب الضالة، ونحو ذلك.

كذلك يؤخذ من هذا الحديث: زيارة النساء للقبور:- ولكن عدداً من العلماء ذهب إلى تحريم ذلك؛ لحديث: (لعن الله زوَّارات القبور.

وفي رواية: لعن الله زائرات القبور) وقالوا: إن أحاديث الإذن منسوخة، الأحاديث التي يؤخذ منها ذهاب النساء إلى المقابر منسوخة، والمسألة فيها كلام طويل.

وذهب إلى تحريم زيارة القبور للنساء شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى؛ لأن المرأة قليلة الصبر شديدة الجزع، ولا يؤمن من ذهابها إلى المقبرة حصول شيء من النياحة أو المحرمات.

كما أن عموم ما يحدث منهن من التبرج لا يشجع مطلقاً على القول بزيارة القبور للنساء.

لكن المرأة إذا مرت بمقبرة دون أن تدخلها كأن تكون ماشية في الشارع مثلاً، أو في سيارة، فإنها تسلم على الموتى بهذا الدعاء، لكن لا تأتي المقبرة وتدخل فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>