[السنة في الأذان من الترجيع وغيره]
وهذا الحديث يحتوي على التكبير مرتين، والروايات المشهورة بأن التكبير في أول الأذان مربع، أي: أربع تكبيرات، والشهادتان المشهور في الأذان كل واحدة مرتان، وحسب أذان أبي محذورة كل واحدة أربع، أشهد أن لا إله إلا الله أربع مرات، وأشهد أن محمداً رسول الله أربع مرات؛ ولكن المرتين الأولَيَتَين من كل واحدة سراً أو بصوت منخفض، والمرتين الأخرَيَتَين بصوت مرتفع، وهذا هو الترجيع المذكور عند الفقهاء، وهو أن المؤذن إذا قام إلى الصلاة فإن السنة أن يجهر بالتكبيرات الأربع، ثم يقول بصوت منخفض: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، ثم بعد ذلك يعود فيرفع صوته بهذه الشهادات.
وقد توفي أبو محذورة رضي الله تعالى عنه بـ مكة سنة تسعٍ وخمسين، وقيل: سبعٍ وسبعين، ولم يزل مقيماً بـ مكة، وتوارثت ذريته الأذان رضي الله تعالى عنهم.
والأذان له أكثر من كيفية، وكذلك الإقامة لها أكثر من كيفية.
والمشهور من أذان عبد الله بن زيد الذي رأى الرؤيا: التربيع في التكبير.
وكذلك قال بالتربيع الشافعي وأبو حنيفة وأحمد وجمهور العلماء، أن المؤذن يقول في بداية الأذان: الله أكبر أربع مرات.
وذهب مالك رحمه الله إلى أن التكبير في أول الأذان مرتين، واحتج بأذان أبي محذورة.
وبالتربيع عَمَلُ أهلِ مكة، وهي مجمع المسلمين في المواسم وغير المواسم.
المهم: أن أذان أبي محذورة يؤخذ منه سنة الترجيع وهي ثابتة ومشروعة، وصفتها كما سبق.
وبعض العلماء قالوا بحديث عبد الله بن زيد الذي ليس فيه ترجيع؛ ولكن جمهور العلماء على هذا الحديث الصحيح ولا تَعارُض! وأيهما متقدم، وأيهما متأخر، حديث أبي محذورة أم حديث عبد الله بن زيد؟ حديث عبد الله بن زيد متقدم، وحديث أبي محذورة متأخر.
ولا تَعارُض بين حديث أبي محذورة مع حديث عبد الله بن زيد، فحديث أبي محذورة يتضمن الترجيع، وحديث عبد الله بن زيد لا يتضمن الترجيع.
فيمكن أن نقول للمؤذن: إذا أردت التزام السنة والحرص عليها فطبق سنة الترجيع.
فإذا رأيت مؤذناً بعدما يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، يسكت فترة وبعد ذلك يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، فاعلم بأنه يطبق سنة، ألا وهي سنة الترجيع.
وسنة الترجيع هي للمؤذن فقط، أما المستمع فيردد ما جهر به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول).