[قراءة القرآن في المقابر]
أما قراءة القرآن عند زيارة المقبرة والفاتحة: فمما لا أصل له في السنة أبداً، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح أنه قرأ القرآن في المقبرة للموتى، ولا أنه قرأ الفاتحة وأهداها للموتى مطلقاً، ومن أبى فعليه الدليل، وليأتِ بعلم إن كان صادقاً: {نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأنعام:١٤٣] {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأحقاف:٤] ولما علَّم النبي صلى الله عليه وسلم عائشة السلام والدعاء، لم يعلمها أن تقرأ الفاتحة أو غيرها من القرآن.
وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان يفر من البيت الذي يُقرأ فيه سورة البقرة) فقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى أن القبور ليست موضعاً لقراءة القرآن شرعاً، ولذلك قال: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر) اقرءوا فيها سورة البقرة، ما معنى الكلام هذا؟ الآن المقابر ما فيها قراءة قرآن، (لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان يفر من البيت الذي يُقرأ فيه سورة البقرة) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه.
وقال عليه الصلاة والسلام: (صلوا في بيوتكم، ولا تتخذوها قبوراً) لأن المقابر لا يجوز الصلاة فيها، إلا صلاة الجنازة لمن فاتته صلاة الجنازة، يجعل القبر بينه وبين القبلة ويصلي الجنازة على القبر فقط، أما صلاة أخرى في المقبرة فلا تجوز.
وكان مذهب جمهور السلف كـ أبي حنيفة، ومالك، وغيرهما، كراهة القراءة عند القبور.
قال أبو داود رحمه الله: سمعت أحمد سئل عن القراءة عند القبر، فقال: لا، لا توجد قراءة عند القبر.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم: ولا يُحْفَظ عن الشافعي نفسه في هذه المسألة كلام، وذلك لأن ذلك كان عنده بدعة.
وقال مالك -الذي مذهبه مالكي يسمع كلام مالك -: [ما علمتُ أحداً يفعل ذلك] يعني: يقرأ القرآن في المقبرة.
فعُلِم أن الصحابة والتابعين ما كانوا يفعلونه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاختيارات العلمية: والقراءة على الميت بعد موته بدعة.
وجاء في بعض الآثار عن الصحابة قراءة يس على المحتضر وليس على الميت، وليس ذلك حديثاً مرفوعاً، أما الميت فلا يُقرأ عنده؛ لا يس ولا غير يس؛ لا قبل الدفن ولا بعد الدفن، فلا يُقرأ عنده شيء البته.
وكذلك فإن الإنسان إذا جاء يدعو في المقبرة يرفع يديه في الدعاء لأجل الحديث الذي مر معنا.