هل يُشرع وضع جريد نخل، أو غصن شجرة رطب على القبر؟ لا يجوز ذلك، فإن قال قائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم وضعه، فنقول: إن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يفعل ذلك في كل زيارة مقبرة وإنها هي حالة نُقِلَت وضعه فيها لسبب، قال: أرجو أن يُخَفَّف عنهما ما لم ييبسا؛ وهذه مسألة غيبية لا نعلمها، أي: لا نعلم هل يُخَفَّف أو لا يُخَفَّف، ولذلك فإن هذه المسألة غيبية، خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، والدليل على ذلك أن الصحابة ما فعلوها ولا السلف، وبعض الناس في بعض البلدان يضعون الأغصان الخضراء، وبعضهم يزرعون أشجاراً عند المقبرة، وهذه كمقابر النصارى خضراء كأنها غابة أو حدائق وجنات، فهي لا تيبس وهم في النار، وهذا يدل على أن حديث:(يُخَفَّف عنهما ما لم ييبسا) خاص بالحالة التي كان فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا فهناك مقابر كفار فيها أشجار خضراء طيلة العام ولا يغني عنهم ذلك شيئاً.
وقد قال عليه الصلاة والسلام:(إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببتُ بشفاعتي أن يُرَدَّ عنهما ما دام الغصنان رطبين).
فالسبب للتخفيف هو الشفاعة لا وضع الغصن لما سبق في الحديث، لو كان السبب رطوبة الغصن لكانت هذه الأشجار الخضراء الغناء الموجودة في مقابر الكفار نفعت؛ لكن القضية بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم.
فالسر ليس في النداوة والرطوبة، ليست هي السبب في تخفيف العذاب؛ وإنما بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه.
فتأمل الآن ما يفعله بعض المسلمين من الذهاب إلى المقابر ووضع أكاليل الزهور والرياحين ونحو ذلك على قبورهم أو قبور الآخرين، أو الجندي المجهول، أو الجندي المعلوم، أو الكلام الفارغ الذي يفعلونه تقليداً للنصارى؛ وهذا حرام ولا شك، فوضع الرياحين والورود وأكاليل الزهور على القبور بدعة ضلالة، وتقليد للكفار، ولا يجوز لمسلم أن يفعله.
هذه بعض الفوائد المأخوذة من حديث عائشة مع شيء من التوضيح في مسألة زيارة المقابر.