الفائدة الأولى: أن الإنسان يجوز له أن يخبر بما ناله من ألم، إذا لم يكن ذلك على سبيل التشكِّي وعدم الرضى، بل للتسلية والتصبير فقد قال أبو بكر: أخرجني الجوع.
وقال عمر: أخرجني الجوع، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(ما أخرجني إلا هذا، أو إني أجد بعض هذا أو وأنا قد وجدت بعض ذلك) كل واحد أخبر الآخَرَين بما ناله من الجوع.
ففيه جواز أن يشتكي الإنسان لصاحبه، وأن يخبر الإنسان بما عنده من الألم؛ من مرض، أو جوع، أو فقر، إذا لم يكن على سبيل التسخط على القضاء والقدر، وإذا لم يكن على سبيل شكاية الخالق إلى المخلوق، إذا لم يكن على سبيل التضجر والتبرم من قضاء الله وقدره، وإذا لم يكن على سبيل الشحاذة، فإذا كان كل واحد يخبر أصحابه أو صاحبه بظرفه لعلَّه يساعده في رأي، أو لعله يسليه، أو يعطيه كلمة طيبة؛ فهذا لا بأس به.
إذاً شكوى الأخ لإخوانه مما لقيه من صعوبة، أو بلاء، أو فقر، أو ألم، أو مرض يكون على حالَين: الحالة الأولى: أن يخبرهم بذلك لكي يُسَلُّوه ويصبروه، فهذا لا بأس به، وهو من باب التواصي.
الحالة الثانية: إذا كان على سبيل التشكِّي والتبرُّم والتضجُّر من قضاء الله وقدره، والشكاية للمخلوقين، وإذلال النفس، والطلب، ومد اليد؛ فهذا مذموم.