للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم نبش قبور المشركين واتخاذ مكانها مساجد]

ثم ساق -رحمه الله تعالى- باباً: هل تنبش قبور المشركين والجاهلية ويتخذ مكانها مساجد؟ وأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبني مسجداً، كان في ذلك المكان قبور للمشركين، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين، فنبشت؛ لأن قبور المشركين لا حرمة لها، ولذلك إذا كان مكان المسجد، في ناحية منها -مثلاً- قبور للكفار، أو من أيام الجاهلية، فإنها تنبش وتخرج العظام، وبعد ذلك يبنى المسجد ولا حرج، وليس في هذه الحالة في بناء المسجد محذور شرعي كالبناء على القبور؛ لأن المقصود هنا ليس هو تعظيمها؛ لأنها نبشت، أما بناء المساجد على قبور الأولياء والصالحين والأنبياء، فإنه ملعونٌ من فعل ذلك: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) فأي مسجد يبنى على قبر نبي، أو ولي، أو رجل، فإنه باطل، ويهدم، ولا تجوز الصلاة فيه.

إذا كان المسجد أولاً ثم دفن فيه ميت، نبشنا القبر وأخرجناه إلى المقبرة.

وإذا كان القبر أولاً ثم بني المسجد، هدمنا المسجد؛ لأنه بني على باطل، وكل ما بني على باطل فهو باطل، وإذا كان القبر في القبلة فلا يجوز الصلاة إليه مطلقاً، ويجب أن يخرج القبر خارج المسجد، ويجعل بينه وبين المسجد جدار أو شارع، ليعزل عن المسجد تماماً؛ لأن بناء المساجد على القبور حرام، بل من مظاهر الشرك والوثنية، وهذا عمل اليهود والنصارى، مع أنه منتشر في كثير من بلدان العالم الإسلامي، كما هو معروف في قبر زينب، وقبر الحسين، وقبر العيدروس وغيرها من الأماكن التي فيها مساجد مبنية فوق القبور، فنقول: النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وكان قبر النبي صلى الله عليه وسلم خارج مسجده، ولما جاء الوليد بن عبد الملك أدخله في المسجد، فهو من فعل الوليد، وليس من فعل الصحابة، ولم يرضه السلف، بل أنكروا ذلك، ولكنهم لم يستطيعوا تغييره، ولما جاء عمر بن عبد العزيز رحمه الله جعل على القبر مثلثاً مبنياً بحيث لا يمكن استقبال القبر والقبلة معاً، ولا يمكن الوصول إلى القبر وهو مفتوح من الأعلى كما سبق أن ذكرنا ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>