الفائدة التاسعة: أن مِن أدب الضيافة: استحباب المبادَرة إلى إكرام الضيف بما تيسر ريثما ينضج الطعام فإذا جاءك ضيف مفاجئ، وأنت لم تستعد بطبخ وليمة ولا ذبيحة ولا شيء، فالسنة ما فعله هذا الصحابي، أولاً: أتى لهم بعِذْق تَمْرٍ ورُطَبٍ وبُسْرٍ، يأكلون منه؛ لتسكين جوعتهم في البداية؛ ريثما يصنع لهم طعاماً.
وبعضهم استدل به على تقديم الفاكهة على الخبز واللحم، وأن الله يقول أيضاً:{وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}[الواقعة:٢٠ - ٢١] فقدَّم الفاكهة على الطعام؛ لكن الصحيح أنه ليس في هذه الآية ما يدل على ذلك، هذا كلام عن نعيم أهل الجنة، ونعيم أهل الجنة يختلف بطبيعته عن أهل الدنيا، والفاكهة سواء وُضِعت قبل الطعام أو بعد الطعام حسب مصلحة الناس، وما تعود عليه الناس، فلا بأس بذلك.
وربما بعض الناس لو وضعت له فواكه وأشياء في البداية لقال لك: هاتِ الدسم، هاتِ الخلاصة، هاتِ الشيء المهم، أتريد أن تشغلنا بالأشياء الجانبية؟! فإذاً: الناس على ما تعودوا، ويكون إكرام الناس على ما تعودوا عليه؛ لكن الإنسان قد يفاجأ بضيف، فماذا يقدم له لتسكين جوعته؟ يقدم له ما يقدمه الناس في الغالب، مثلاً: تَمْراً وقهوةً، ريثما يأتوا بالطعام.
فـ أبو الهيثم بن التَّيْهان رضي الله عنه لما فوجئ بهؤلاء الضيوف الكرام قدَّم لهم -أولاً- هذا الرُطَب والتَمْر ريثما يذبح لَهُم ويطبخ لَهُم.