الفائدة السابعة عشرة: أن الإنسان المسلم يحتاج أن يدعو ربه بالتوفيق للصواب؛ لأن جريجاً قال:(أيْ ربِّ! أمي وصلاتي) فالإنسان إذا تعارضت عنده مسألتان أو قولان أو رأيان ولم يدر أيهما أصوب، ماذا عليه أن يفعل بالإضافة إلى البحث والسؤال؟ أن يسأل الله أن يوفقه للقول الصواب، (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) هذا الدعاء قاله النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل، يدعو الله عز وجل، وهو النبي الذي يوحى إليه وهو أرجح الأمة عقلاً، وأعلمها بما علمه الله ومع ذلك يقول:(اهدني لما اختلف فيه) لاحظ! سبحان الله! النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك) نحن أولى؛ لأن الأمور تختلف علينا أكثر بكثير، فأولى أن نسأل الله إصابة الصواب.
وكان شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني الدمشقي رحمه الله تعالى إذا استشكل عليه الأمر، وصَعُب عليه يقول: يا معلم إبراهيم! علمني، ويا مفهم! سليمان فهمني، ولا زال يلح على الله ويدعو الله عز وجل حتى تنجلي له المسألة.
فأحياناً لا تكفي قضية البحث والتمعُّن وإمعان النظر، فإذا لم يأت من الله عون لا يمكن للإنسان أن يدرك الراجح.