الفائدة الثالثة: أن الإنسان إذا اشتكى من مثل هذا فلا بأس أن يأتي إلى صاحبٍ له ليس بينه وبينه حرج أو كُلفة، فيطعم عنده فمِن الأخوة أنه إذا جاع أتى أخاً له ليس بينه وبين كُلفة ولا حرج ولا رسميات -كما يقولون- فيطعَم عنده، وهذا يسميه العلماء: الإدلال على الأخ أو على الصاحب، ما دام أن بينه وبينه مَعَزَّة كبيرة، وأخوَّة عالية، وصاحبه لا يتضجر إذا أتاه، ولا يثقل عليه، فإنه لا بأس بأن يأتي إليه.
وكفى شرفاً بـ أبي الهيثم بن التَّيْهان أن يكون ضيفه النبي صلى الله عليه وسلم.
الفائدة الرابعة: أن الإنسان إذا ذهب إلى شخصٍ لطعامٍ، وكان يعلم أن هذا الشخص لا يتحرج من إتيان آخرين، فإنه لا بأس أن يصطحبهم فلو دعاك شخص وكان معك واحد أو اثنان أو أكثر، وأنت تعلم أن الذي دعاك لا يمانِع ولا يتحرج ولا يثقل عليه، ولا يتضجر من أن تصطحب معك بعض أصحابك إلى هذه الدعوة، فإنه لا يعتبر شيئاً مذموماً أن تأخذهم معك، مادام أنك تعلم رضاه، وأنه لا يثقل عليه، ولا يُحرج، وأن عنده ما يكفي الجميع، فلا حرج من أن تذهب بهم إليه.
وأما إذا ذهب الإنسان ومعه شخص ولا يدري هل يأذن صاحب البيت أو لا يأذن، فإنه يستأذن لهذا الشخص، فيقول: يا فلان يا صاحب الدار! أنا مدعوٌّ عندك، ومعي واحد لم يُدْعَ، هل تسمح له فيدخل أو ينصرف فيرجع؟ فإذا أذِنَ صاحب البيت بدون إحراج، فإنه لا بأس أن يدخل هذا الشخص ولو لم يُدْعَ.