قيِّم له، ورشفة من رحيق ذلك البحر، وشعاع من تلك الشمس المشرقة بنور الله، وحقيقة ملهمة من كنز علم الحقيقة القرآنية، وترجمة معنوية نابعة من فيوضات هذا النبأ العظيم.
لهذا احتل الكتاب مكانة سامقة في الجامعات العربية والإسلامية. تحدث عنها أستاذنا الكبير الدكتور محمد رجب البيومي في كتابه القيم "خطوات التفسير البياني للقرآن الكريم" أرى ألا يحرم القارئ من مطالعته ها هنا … يقول -حفظه الله:" … أما أستاذنا الكبير الدكتور محمد عبد الله دراز ﵀ فقد أوسع تلاميذه في كليات أصول الدين واللغة العربية ودار العلوم تحليلًا وتشريحًا لدقائق القرآن البيانية على وجه رائق شفاف، تفجرت ينابيعه صافية من بيان الأستاذ، وكتاب "النبأ العظيم" على مكانته الرائعة لم يحوِ غير القليل مما فتح به الله على صاحبه، إذ كان في قاعة الدرس يتدفق بشتى المعاني البارعة التي لا تجد الكثير منها في النبأ العظيم.
ولعل بديهته القوية كانت تتيح له من الروائع ما يرتجله لساعته ارتجالًا. وكأنه أعد إعدادًا حتى إذا خلا بنفسه لتسجيله اكتفى بالبعض عن البعض مما قال.
وقد حفل "النبأ العظيم" بالحديث عن الجمال التوقيعي في توزيع الحركات والسكنات، والجمال التنسيقي في وصف الحروف وتآليفها على جهة ذات توافق وانسجام، كما أجاد الحديث عن خصائص الأسلوب القرآني في الفقرة التي تتناول شأنًا واحدًا، وفي السورة التي تتناول شئونًا شتى، ثم فيما بين سورة وسورة، وفي القرآن بنوع عام.
وقد بسط ذلك أتم بسط وأوفاه. ولم يفته أن يتحدث عن الإيجاز والإطناب في ضوء تعريف جديد متنقلًا إلى فنون من البيان كان جل اعتماده فيها على نفسه دون التقيد بما سبق من الآراء. وقد انتفع به طلابه على كثرتهم واختلاف معاهدهم انتفاعًا يتردد صداه قويًّا رائعًا في كثير مما يقال. فهو مجهود حي أتى ثمره وعلا جناه" (١).
(١) د. محمد رجب البيومي، خطوات التفسير البياني ص ٣٣٩، ط مجمع البحوث الإسلامية.