للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

جَمْعُ جِنَايَةٍ، وَهِيَ التَّعَدِّي عَلَى الْبَدَنِ بِمَا يُوجِبُ قِصاصًا أَوْ مَالًا وَالقَتْلُ ظُلْمًا مِنْ أَعظَمِ الْكَبَائِرِ وَجَرَى فِي تَوْبَتِهِ خِلَافٌ كَبِيرٌ وَالتَّحْقيقُ أَنَّ القَتلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ للهِ وَلِلْمَقْتُولِ وَلِوَلِيِّهِ، فَحَقُّ الله يَسقُطُ بِتَوْبَتِهِ وَتَسْلِيمِ نَفْسِهِ لِلوَليِّ، وَحَقُّ الوَلي يَسْقُطُ بِالاستِيفَاءِ أَوْ الصُّلحِ أَوْ الْعَفْو، وَيَبْقَى حَقُّ المَقْتُولِ يُعَوِّضُهُ اللهُ عَنْهُ يَومَ القِيَامَةِ وَيُصلِحُ بَينَهُ وَبَينَهُ قَالهُ ابْنُ القَيِّمِ. وَالقَتلُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ: عَمدٌ يَخْتَصُّ القَوَدُ بِهِ، وشِبْهُ عَمْدٍ وَخَطَأٌ فَالعَمدُ أَن يَقصِدَ مَنْ يَعلَمُهُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا، فَيَقتُلُهُ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوتُهُ بِهِ وَلَهُ تِسع صورٍ:

إِحدَاهَا: أَن يَجْرَحَهُ بِمَا لَهُ نُفُوذٌ فِي البَدَنِ مِنْ حَدِيدٍ كَسِكينٍ وَمِسَلَّةٍ وَغَيرِهِ كَشَوْكَةٍ وَلَوْ صَغِيرًا كَشَرطِ حَجَّامٍ فِي مَقْتَلٍ كَالْفُؤَادِ وَالخُصْيَتَينِ أَوْ لَا كَفَخِذٍ وَيَدٍ فَتَطُولُ عِلَّتُهُ أَوْ يَصِيرُ مُتَأَلِّمًا حتَّى يَمُوتَ، أَوْ يَمُوتَ فِي الحَالِ وَلَوْ لَم يُدَاوِ مَجرُوحٌ قَادِرٌ جُرحِهِ وَمَنْ قَطَعَ أَوْ بَطَّ سِلْعَةً خَطِرَةً مِنْ مُكَلَّفٍ بِلَا إذْنِهِ، فَمَاتَ فَعَلَيهِ الْقَوَدُ (١) لَا وَليُّ مَجْنُونٍ وَصَغِيرٍ لِمَصلَحَةٍ وَلَا شَيءَ عَلَيهِ.

الثَّانِيَةُ: أَن يَضْرِبَهُ بِمُثقَلٍ فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ عَمدٌ لَا كَهُوَ (٢) وَهُوَ الخَشَبَةُ التِي يَقُومُ عَلَيهَا بَيتُ الشَّعرِ أَوْ بِمَا يَغلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ مِنْ


(١) قوله: "القود" سقطت من (ج).
(٢) في (ب): "عمود الفسطاط لا كهو وهو".

<<  <  ج: ص:  >  >>