للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي تَتَبُّعُ الحِيَلِ المُحَرَّمَةِ وَالمَكرُوهَةِ، وَلَا تَتَبُّعُ الرُّخَصِ لِمَنْ أَرَادَ نَفْعَهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَسَقَ، وَحَرُمَ اسْتِفْتَاؤُهُ وَإِنْ حَسُنَ قَصدُهُ فِي حِيلَةٍ جَائِزَةٍ، وَلَا شُبْهَةَ فِيهَا، وَلَا مَفْسَدَةَ، لِيَتَخَلَّصَ الْمُسْتَفْتِي بِهَا مِنْ حَرَجٍ جَازَ كَمَا أَرْشَدَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بلَالًا إلَى بَيعِ التَّمرِ بِدَرَاهِمَ، ثُم يَشتَرِي بِالدَّرَاهِمِ تَمرًا آخَرَ؛ فَيَتَخَلَّصُ مِنْ الرِّبَا وَلَيسَ لِمَنْ انْتَسَبَ لمَذْهَبِ إمَامٍ أَن يَتَخَيَّرَ فِي مَسأَلَةٍ ذَاتِ قَولَينِ بَل عَلَيهِ أَنْ يَنْظُرَ أَيهُمَا أَرجَحُ، فَيَعْمَلُ بِهِ، وَقَال الْقَاضِي فِيمَا إذَا اعْتَدَل عِندَهُ قَوْلَانِ مِنْ غَيرِ تَرْجِيحٍ، يُفْتِي بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَمَنْ قَويَ عِندَهُ مَذهَبُ غَيرِ إمَامِهِ أَفْتَى بِهِ وَأَعْلَمَ السائِلَ، قَال أَحمَدُ: إذَا جَاءَتْ الْمسأَلَةُ لَيسَ فِيهَا أَثَرٌ فَأَفْتِ فِيهَا بِقَولِ الشافِعِي. وَمَنْ لَم يَجِدْ إلا مُفْتِيًا لَزِمَ أَخْذُهُ بِقَوْلِهِ، كَمَا لَوْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ وَكَذَا مُلتَزِمُ قَوْلِ مُفْتٍ وَثَمَّ غَيرُهُ فَلَو أَفْتَى المُقَلِّدَ مُفْتٍ وَعَمِلَ بِهِ المُقَلِّدُ؛ لَزِمَهُ قَطعًا، وَلَيسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنهُ إلَى غَيرِهِ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ إجْمَاعًا نَقَلَهُ ابْنُ الحَاجِبِ والهِندِي وَغَيرُهُمَا.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>