للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

وَسُنَّ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَهُ فُقَهَاءَ الْمَذَاهِبِ وَمُشَاوَرَتُهُمْ فِيمَا يُشْكِلُ، قَال أَحْمَدُ: مَا أَحْسَنَهُ لَوْ فَعَلَهُ الْحُكَّامُ يُشَاورُونَ وَيَنْظُرُونَ فَإِنْ إِتَّضَحَ لَهْ الحُكْمُ وَإِلَّا أَخَّرَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيهِ تَقْلِيدُ غَيرِهِ وَلَوْ أَعْلَمَ مِنْهُ قَال أَحْمَدُ: لَا تُقَلِّدْ أَمْرَكَ أَحَدًا غَيرَكَ وَعَلَيكَ بِالأَثَرِ. فَإِنْ حَكَمَ بِاجْتِهَادِهِ لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيهِ إلَّا إنْ خَالفَ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا وَلَوْ حَكَمَ وَلَمْ يَجْتَهِدْ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ أَصَابَ الْحَقَّ وَيَحْرُمُ الْقَضَاءُ وَهُوَ غَضْبَانُ كَثِيرًا أَوْ حَاقِنٌ أَوْ فِي شِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ هَمٍّ أَوْ مَلَلٍ أَوْ كَسَلٍ أَوْ نُعَاسٍ أَوْ بَرْدٍ مُؤْلِمٍ أَوْ حَرٍّ مُزْعِجٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ فَرَحٍ فَإِنْ خَالفَ وَحَكَمَ فَأَصَابَ الحَقَّ نَفَذَ وَكَانَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْقَضَاءُ مَعَ ذَلِكَ؛ لأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيهِ غَلَطٌ يُقِرُّ عَلَيهِ لَا قَوْلًا وَلَا فِعْلًا وَيَحْرُمُ قَبُولُهُ رِشْوَةً، وَدَفْعِهَا إِلّا لِدَفْعِ (١) ظُلْمَةٍ وَكَذَا هَدِيَّةٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي غَيرِ عَمَلِهِ إلَّا مِمَّنْ كَانَ (٢) يُهَادِيهِ قَبْلَ ولَايَتِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ حُكُومَةٌ، فَيُبَاحُ كَذِي رَحِمِهِ وَكَمُفْتٍ وَرَدُّهَا أَوْلَى فَإِنْ خَالفَ حَيثُ حَرُمَ رُدَّتَا لِمُعْطٍ وَاسْتِعَارَتُهُ كَالْهَدِيَّةِ وَكَذَا لَوْ خَتَنَ وَلَدَهُ فَأَهْدَى لِوَلَدِهِ وَإِنْ أَهْدَى لِمَنْ يَشفَعُ لَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَنَحْوهِ لَمْ يَجُزْ أَخْذُهَا لأَنَّهَا كَالأُجْرَةِ وَالشَّفَاعَةُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَقَال أَحْمَدُ فِي مَنْ وَلِي شَيئًا مِنْ أَمْرِ السُّلْطَانِ: لَا أُجِيزُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ شَيئًا، يُرْوَى هَدايَا الأُمَرَاءُ غَلُولٌ، وَنَصَّ


(١) زاد في (ب): "ولا فعلا في حكم ويحرم قبوله رشوة وبذلها إلا لدفع ظلمة".
(٢) في (ب): "إلا من كان".

<<  <  ج: ص:  >  >>