للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ بِإِسْتِيفَاءِ شُرُوطِ عَقْدٍ يُرادُ الْحُكْمُ بِهِ حُكِمَ بِصِحَّتِهِ، وَإِلَّا حُكِمَ بِمُوجِبِهِ بِالْمُوجَبِ أَحَطُّ رُتْبَةً وَقَدْ يَسْتَويَانِ فِي مَسَائِلَ كَحُكْمِ حَنَفِيٍّ بِصِحَّةِ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِمُوجِبِهِ أَوْ بِشُفْعَةِ جَارٍ أَوْ وَقْفٍ عَلَى نَفْسٍ؛ فَلَيسَ لِلشَّافِعِيِّ نَقْضُهُ وَكَحُكْمِ شَافِعِيٍّ بِصحَّةِ أَوْ مُوجَبِ إجَارَةِ مُشَاعٍ فَلَيسَ لِلْحَنَفِيِّ نَقْضُهُ وَقَدْ يَخْتَلِفَانِ كَحُكْمٍ بِصحَّةِ (١) تَدْبِيرٍ، فَيُسَوَّغُ لِلشَّافِعِيِّ الْحُكمُ بِبَيعِهِ لأَنَّ التَّدْبِيرَ عَنْدَ الشَّافِعِيِّ صَحِيحٌ وَلَكِنْ يُبَاعُ فَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِمُوجَبِهِ لَمْ يَكُنْ لِلشَّافِعِيِّ الْحُكْمُ بِبَيعِهِ (٢) مُوجَبِ التَّدْبِيرِ عِنْدَهُ عَدَمُ بَيعِهِ، وَلَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِصِحَّةِ شِرَاءِ دَارٍ لَهَا جَارٌ؛ سَاغَ لِلْحَنَفِيِّ الْحُكمُ بِالشُّفْعَةِ؛ لأنَّ الْبَيعَ عِنْدَهُ صَحِيحٌ مُسَلَّطٌ لأَخْذِ الْجَارِ وَلَوْ حَكَمَ الشَّافِعِي بِمُوجَبِ الشِّرَاءِ لَمْ يَكُنْ لِلْحَنَفِيِّ الْحُكْمُ بِهَا لأَنَّ مِنْ مُوجَبِهِ عِنْدَهُ دَوَامَهُ وَاسْتِمْرَارَهُ. وَالْقَضِيَّةُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا فَمَا كَانَ مِنْهَا قَدْ جَاءَ وَقْتُ الْحُكْمِ فِيهِ؛ نَفَذَ، وَمَا لَا فَلَا، فَالأَوَّلُ كَحُكْمِ حَنَفِيٍّ بِمُوجَبِ التَّدْبِيرِ بَعْدَ صُدُورِهِ؛ فَحُكْمُهُ بِهِ فِي وَقْتِهِ فَلَا يُسَوَّغُ نَقْضُهُ، وَصَارَ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالثَّانِي أَنْ يُعَلِّقَ شَخْصٌ طَلَاقَ أَجْنَبِيَّةٍ بِتَزْويجِهَا؛ فَيَحْكُمُ مَالِكِيٌّ أَوْ حَنَفِيٌّ بِمُوجَبِهِ، فَإِذَا تَزَوَّجَ بِهَا، وَبَادَرَ شَافِعِيٌّ، وَحَكَمَ بِاسْتِمْرَارِ الْعِصْمَةِ؛ نَفَذَ حُكْمُهُ، وَلَمْ يَكُنْ نَقْضًا لِلأَوَّلِ؛ لأَن حُكْمَهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ الطَّلَاقَ لأَنَّهُ أَمْرٌ لَمْ يَقَعْ حِينَ الْحُكْمِ فَكَيفَ يُحْكَمُ عَلَى مَا لَمْ يَقَعْ فَمَا هَذَا مِنْهُ إلَّا فَتْوَى وَتَسْمِيَتُهُ حُكْمًا جَهْلٌ أَوْ تَجَوُّزٌ، انْتَهَى.

* * *


(١) زاد في (ب): "كحكم حنفي بصحة".
(٢) من قوله: "التدبير عند الشافعي ... الحكم ببيعه" سقط من (ب، ج) وفيهما: "ببيعه لأن من موجب التدبير".

<<  <  ج: ص:  >  >>