للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

وَيُعْتَبَرُ فِي الْبَيِّنَةِ الْعَدَالةُ ظَاهِرًا، وَكَذَا بَاطِنًا لَا فِي عَقْدِ نِكَاحٍ وَفِي مُزَكِّينَ مَعْرِفَةُ حَاكِمٍ خِبْرَتَهُمَا الباطِنَةِ بِصُحْبَةٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ ومَعْرِفَتُهُمْ كَذَلِكَ لِمَنْ يُزَكُّونَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِهَا وَلَوْ قِيلَ إنَّ الأَصْلَ فِي الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالةُ أَوْ لَمْ (١) يَطعَنْ فِيهَا الْخَصْمُ قَال الشَّيخُ: مَنْ قَال إنَّ الأَصْلَ فِي الإِنْسَانِ الْعَدَالةُ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَإِنَّمَا الأَصْلُ فِيهِ الجَهْلُ وَالظُّلْمُ لِقَوْلِهِ تَعَالى: {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} (٢) وَعَنْهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُل مُسْلِمٍ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ وَيَكفِي فِي تَزْكِيَةٍ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ وَيَكْفِي فِيهَا الظَّنُّ، بِخِلَافِ الْجَرْحِ، وَتَجِبُ فِيهَا الْمُشَافَهَةُ؛ لأَنَّهَا شَهَادَةٌ فَلَا تَكفِي فِيهَا رُقْعَةُ الْمُزَكِّي؛ لأَنَّ الْخَطَّ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي الشَّهَادَةِ وَلَوْ رَضِيَ أَن يُحْكَمَ عَلَيهِ بِشَهَادَةِ فَاسِقٍ، لَمْ يَجُزْ الْحُكْمُ بِهَا وَبَيِّنَة بِجَرْحِ مُقَدَّمَة وَتَعْدِيلُ الْخَصْمِ وَحْدَهُ أَو تَصْدِيقِهِ لِلشَّاهِدِ تَعْدِيلٌ لَهُ وَلَا يَصِحُّ مِنْ نِسَاءٍ تَزْكِيَةٌ وَتَجْرِيحٌ وَلَا تَزْكِيَةٌ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ كَأشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ فِي شَهَادَتِهِ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ وَمَنْ ثَبَتَتْ عَدَالتُهُ مَرَّةً لَزِمَ الْبَحْثُ عَنْهَا مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ عُرْفًا وَمَتَى ارْتَابَ من عَدْلَينِ لَمْ يَختَبِرْ قُوَّةَ ضَبْطِهِمَا وَدِينِهِمَا؛ لَزِمَهُ الْبَحْثُ بِسُؤَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا عَنْ كَيفِيَّةِ تَحَمُّلِهِ هلْ هُوَ رُؤيَةً أَو سَمَاعًا أَوْ إقْرَارًا وَمَتَى وَأَينَ وَهَلْ تَحَمَّلَ وَحْدَهُ أَو مَعَ صَاحِبِهِ، فَإِنْ اتَّفَقَا وَعَظَهُمَا وَخَوَّفَهُمَا فَإِنْ ثَبَتَا حُكِمَ وَإِلَّا لَمْ يَقبَلْهُمَا وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً لَا إنْ لَمْ يُقِمْهَا وَسَأَلَ حَبْسَ


(١) فِي (ج): "ولم".
(٢) سورة الأحزاب آية (٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>