ويقول بقدم العالم، كما ذكرذلك فِي كِتَابِ ((شَرْحِ الْإِشَارَاتِ)) لَهُ. فَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ شَيْخُهُ هَذَا الَّذِي احْتَجَّ بِهِ كَافِرًا، وَالْكَافِرُ لَا يُقبل قَوْلُهُ فِي دين المسلمين.
الثاني: أن هذا الرجل قد اشْتَهَرَ عِنْدَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ أَنَّهُ كَانَ وَزِيرَ الْمَلَاحِدَةِ الْبَاطِنِيَّةِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ بِالْأَلَمُوتِ (١) ، ثُمَّ لَمَّا قَدِمَ التُّرْكُ الْمُشْرِكُونَ إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَجَاءُوا إِلَى بغداد، دار الخلافة، كَانَ هَذَا مُنَجِّمًا مُشِيرًا لِمَلِكِ التُّرْكِ الْمُشْرِكِينَ هولاكو أشار عليه بقتل الخليفة، وَقَتْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَاسْتِبْقَاءِ أَهْلِ الصِّنَاعَاتِ وَالتِّجَارَاتِ الَّذِينَ يَنْفَعُونَهُ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَى الْوَقْفِ الَّذِي لِلْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ يُعْطِي مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ لِعُلَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَشُيُوخِهِمْ مِنَ الْبَخَشِيَّةِ السَّحَرَةِ وَأَمْثَالِهِمْ وَأَنَّهُ لَمَّا بَنَى الرَّصد الذي بمراغة على طريق الصَّابِئَةِ الْمُشْرِكِينَ، كَانَ أَبْخَسُ النَّاسِ نَصِيبًا مِنْهُ مَنْ كَانَ إِلَى أهلِ الْمِلَلِ أَقْرَبَ، وَأَوْفَرُهُمْ نَصِيبًا مَنْ كَانَ أَبْعَدَهُمْ عَنْ الْمِلَلِ، مِثْلَ الصابئة المشركين ومثل المعطّلة وسائر المشركون، وإن ارتزقوا بالنجوم والطب ونحو ذلك.
وَمِنَ الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَعَنْ أَتْبَاعِهِ الِاسْتِهْتَارُ بِوَاجِبَاتِ الْإِسْلَامِ ومحرَّماته، لَا يُحَافِظُونَ عَلَى الْفَرَائِضِ كَالصَّلَوَاتِ، ولا ينزعون من مَحَارِمِ اللَّهِ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْخَمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ، حَتَّى أَنَّهُمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يُذكر عَنْهُمْ مِنْ إِضَاعَةِ الصَّلَوَاتِ، وَارْتِكَابِ الْفَوَاحِشِ، وشرب الخمر -مَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ قُوَّةٌ وَظُهُورٌ إِلَّا مَعَ الْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ دِينُهُمْ شَرٌّ مِنْ دِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
وَلِهَذَا كَانَ كُلَّمَا قَوِيَ الْإِسْلَامُ فِي الْمُغْلِ وَغَيْرِهِمْ من ترك، ضَعُفَ أَمْرُ هَؤُلَاءِ لِفَرْطِ مُعَادَاتِهِمْ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ. وَلِهَذَا كَانُوا مِنْ أَنْقَصِ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ الْأَمِيرِ نَوْرُوزَ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الشَّهِيدِ، الَّذِي دَعَا مَلِكَ الْمُغْلِ غَازَانَ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَالْتَزَمَ لَهُ أَنْ يَنْصُرَهُ إِذَا أَسْلَمَ، وَقَتَلَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَمْ يُسْلِمُوا مِنَ الْبَخَشِيَّةِ السَّحَرَةِ وغيرهم، وَهَدَمَ الْبَذَخَانَاتِ، وَكَسَّرَ الْأَصْنَامَ وَمَزَّقَ سَدَنَتَهَا كُلَّ مُمَزَّقٍ، وَأَلْزَمَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالْجِزْيَةِ وَالصَّغَارِ، وَبِسَبَبِهِ ظَهَرَ الْإِسْلَامُ فِي الْمُغْلِ وَأَتْبَاعِهِمْ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَأَمْرُ هَذَا الطُّوسِيِّ وَأَتْبَاعِهِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ أَشْهَرُ وَأَعْرَفُ من أن يعرف
(١) اسم قلعه في جبال الديلم بناها أحد ملوك الديلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute