للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي التِّرْمِذِيِّ مَرْفُوعًا: ((لَا يَنْبَغِي لِقَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يؤمَّهم غَيْرُهُ)) (١) .

وَتَجْهِيزُ عُثْمَانَ بِأَلْفِ بَعِيرٍ أَعْظَمُ مِنْ صَدَقَةِ عَلِيٍّ بِكَثِيرٍ كَثِيرٍ؛ فَإِنَّ الْإِنْفَاقَ فِي الْجِهَادِ كَانَ فَرْضًا، بخلاف الصدقة أمام النجوى فإنه مشترط بِمَنْ يُرِيدُ النَّجْوَى، فَمَنْ لَمْ يُرِدْهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ.

وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي بَعْضِ الْأَنْصَارِ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (٢) .

وَبِالْجُمْلَةِ فَبَابُ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ، لَكَثِيرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فِيهِ مِنَ الْفَضِيلَةِ مَا لَيْسَ لِعَلِيٍّ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مالٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -.

(فَصْلٌ)

قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((الْبُرْهَانُ التَّاسِعَ عَشَرَ: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا} (٣) . قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعيم أَيْضًا: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ أُسرى بِهِ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ ثُمَّ قَالَ: سَلْهُمْ يَا مُحَمَّدُ عَلاَم بُعثتم؟ قَالُوا: بُعِثْنَا عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَعَلَى الْإِقْرَارِ بِنُبُوَّتِكَ وَالْوِلَايَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَهَذَا صَرِيحٌ بِثُبُوتِ الْإِمَامَةِ. لِعَلِيٍّ)) .

وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ بِالصِّحَّةِ. وَقَوْلُنَا فِي هَذَا الكتاب الْقَبِيحِ وَأَمْثَالِهِ: الْمُطَالَبَةُ بِالصِّحَّةِ، لَيْسَ بِشَكٍّ مِنَّا فِي أَنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ مِنْ أَسْمَجِ الْكَذِبِ وَأَقْبَحِهِ، لَكِنْ عَلَى طَرِيقِ التَّنَزُّلِ فِي الْمُنَاظَرَةِ، وَأَنَّ هَذَا لَوْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ كَذِبٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُحتج بِهِ حَتَّى يَثْبُتَ صدقه؛ فإن الِاسْتِدْلَالَ بِمَا لَا تُعلم صِحَّتُهُ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ، فَإِنَّهُ قَوْلٌ بِلَا عِلْمٍ، وَهُوَ حَرَامٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ مِثْلَ هَذَا مِمَّا اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا مِمَّا يَعْلَمُ مَنْ لَهُ عِلْمٌ وَدِينٌ أَنَّهُ مِنَ الْكَذِبِ الْبَاطِلِ الَّذِي لَا يُصدَّق بِهِ مَنْ لَهُ عَقْلٌ وَدِينٌ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِقُ مِثْلَ هَذَا أهل الوقاحة والجراءة في الكذب، فإن


(١) انظر سنن الترمذي ج٥ ص ٢٧٦.
(٢) الآية ٩ من سورة الحشر.
(٣) الآية ٤٥ من سورة الزخرف.

<<  <   >  >>