للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَرَوَى أَصْحَابُ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ مِنْ مُسْنَدِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: ائْتُونِي بِدَوَاةٍ وَبَيَاضٍ، أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا

لَا تضلُّون بِهِ مِنْ بَعْدِي. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَهْجُر، حسبُنا كِتَابُ اللَّهِ. فَكَثُرَ اللَّغَط. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْرُجُوا عَنِّي، لَا يَنْبَغِي التَّنَازُعُ لَدَيَّ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الرَّزِيَّةُ كُلُّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَالَ عُمَرُ لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ما مَاتَ مُحَمَّدٌ وَلَا يَمُوتُ حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِيَ رجال وَأَرْجُلَهُمْ. فَلَمَّا نَهَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَتَلَا عَلَيْهِ: {إنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (١) ، وَقَوْلَهُ: {َأفَإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} (٢) قَالَ: كَأَنِّي مَا سَمِعْتُ هَذِهِ الْآيَةَ)) .

وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ: أَمَّا عُمَرُ فَقَدْ ثَبَتَ مِنْ عِلْمِهِ وَفَضْلِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ لِأَحَدٍ غَيْرِ أبي يكر. فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: ((قَدْ كَانَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدِّثون، فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَعُمَرُ)) . قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: تَفْسِيرُ ((محدِّثون)) : مُلْهَمُونَ (٣) .

وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:

((إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ محدِّثون، وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِي هَذِهِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الخطاب)) وفي لفظ للبخاري: ((لقد كان فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رِجَالٌ يكلِّمون مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُمَرُ)) (٤) .

وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُ قَدَحًا أُتِيتُ بِهِ فِيهِ لَبَنٌ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى أَنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ مِنْ أَظْفَارِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ)) . قَالُوا: فَمَا أوَّلته يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((الْعِلْمُ)) (٥) .

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((بينا أنا نائم رأيت الناس


(١) الآية ٣٠ من سورة الزمر.
(٢) الآية ١٤٤ من سورة آل عمران.
(٣) انظر البخاري ج٥ ص١١ وأماكن أُخر وانظر مسلم ج٤ ص١٨٦٤.
(٤) انظر ما تقدم قبل قليل.
(٥) انظر البخاري ج١ ص ٢٣-٢٤ وج٩ ص٣٥ ومسلم ج٤ ص ١٨٥٩.

<<  <   >  >>