للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَتَخَلَّفْ بِالْمَدِينَةِ إِلَّا عاصٍ أَوْ مَعْذُورٌ غَيْرُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. وَلِهَذَا كَرِهَ عَلِيٌّ الِاسْتِخْلَافَ، وَقَالَ: أَتُخَلِّفُنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ يَقُولُ تَتْرُكُنِي مُخَلَّفًا لَا تَسْتَصْحِبُنِي مَعَكَ؟ فَبَيَّنَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ لَيْسَ نَقْصًا وَلَا غَضَاضَةً؛ فَإِنَّ مُوسَى اسْتَخْلَفَ هَارُونَ عَلَى قَوْمِهِ لِأَمَانَتِهِ عِنْدَهُ، وَكَذَلِكَ أَنْتَ اسْتَخْلَفْتُكَ لِأَمَانَتِكَ عِنْدِي، لَكِنَّ مُوسَى اسْتَخْلَفَ نَبِيًّا وَأَنَا لَا نَبِيَّ بَعْدِي. وَهَذَا تَشْبِيهٌ فِي أَصْلِ الِاسْتِخْلَافِ، فَإِنَّ مُوسَى اسْتَخْلَفَ هَارُونَ عَلَى جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَخْلَفَ عَلِيًّا عَلَى قَلِيلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَجُمْهُورُهُمُ اسْتَصْحَبَهُمْ في الغزاة. وتشبيه بِهَارُونَ لَيْسَ بِأَعْظَمَ مِنْ تَشْبِيهِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: هَذَا بِإِبْرَاهِيمَ وَعِيسَى، وَهَذَا بِنُوحٍ وَمُوسَى؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ أَفْضَلُ مِنْ هَارُونَ، وَكُلٌّ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ شُبِّهَ بِاثْنَيْنِ لَا بِوَاحِدٍ؛ فَكَانَ هَذَا التَّشْبِيهُ أَعْظَمَ مِنْ تَشْبِيهِ عَلِيٍّ، مَعَ أَنَّ اسْتِخْلَافَ عَلِيٍّ لَهُ فِيهِ أشباه وأمثال من الصحابة.

[(فصل)]

قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَعَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ الشُّورَى يَقُولُ لَهُمْ: لَأَحْتَجَّنَّ عَلَيْكُمْ بِمَا لَا يَسْتَطِيعُ عربيّكم ولا عجميّكم تَغْيِيرَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَيُّهَا النَّفَرُ جَمِيعًا، أَفِيكُمْ أَحَدٌ وَحَّدَ

اللَّهَ تَعَالَى قَبْلِي؟ قَالُوا اللَّهُمَّ لَا. قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ لَهُ أَخٌ مِثْلُ أَخِي جَعْفَرٍ الطيَّار فِي الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ لَهُ عَمٌّ مِثْلُ عَمِّي حَمْزَةَ أَسَدِ اللَّهِ وَأَسَدِ رَسُولِهِ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ لَهُ زَوْجَةٌ مِثْلُ زَوْجَتِي فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ سَيِّدَةِ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ لَهُ سِبْطَانِ مِثْلُ سِبْطَيِّ الْحَسَنِ والحسين سيدا

<<  <   >  >>