(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَكَثِيرًا مَا رَأَيْنَا مَنْ يَتَدَيَّنُ فِي الْبَاطِنِ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ، وَيَمْنَعُهُ عَنْ إظهار حُبُّ الدُّنْيَا وَطَلَبُ الرِّيَاسَةِ، وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أَئِمَّةِ الْحَنَابِلَةِ يَقُولُ: إِنِّي عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ فَقُلْتُ: لِمَ تَدْرُسُ عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ فِي مَذْهَبِكُمُ الْبَغْلَاتُ وَالْمُشَاهَرَاتُ. وَكَانَ أَكْبَرُ مُدَرِّسِي
الشَّافِعِيَّةِ فِي زَمَانِنَا حَيْثُ تُوُفِّيَ أَوْصَى أَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَهُ فِي غُسله وَتَجْهِيزِهِ بَعْضُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنْ يُدفن فِي مَشْهَدِ مَوْلَانَا الْكَاظِمِ، وَأَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ)) .
وَالْجَوَابُ: أَنَّ قَوْلَهُ: ((وَكَثِيرًا مَا رَأَيْنَا)) هَذَا كَذِبٌ، بَلْ قَدْ يُوجَدُ فِي بَعْضِ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى مَذْهَبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ مَنْ هُوَ فِي الْبَاطِنِ رَافِضِيٌّ، كَمَا يُوجَدُ فِي الْمُظْهِرِينَ لِلْإِسْلَامِ مَنْ هُوَ فِي الْبَاطِنِ مُنَافِقٌ، فَإِنَّ الرَّافِضَةَ لَمَّا كَانُوا مِنْ جِنْسِ الْمُنَافِقِينَ يُخْفُونَ أَمْرَهُمُ احْتَاجُوا أَنْ يَتَظَاهَرُوا بِغَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا احْتَاجَ الْمُنَافِقُونَ أَنْ يَتَظَاهَرُوا بِغَيْرِ الْكُفْرِ، وَلَا يُوجَدُ هذا إلا فيمن هو جَاهِلٌ بِأَحْوَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ كَيْفَ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا مَنْ عَرَفَ الْإِسْلَامَ كَيْفَ كَانَ، وَهُوَ مقرٌّ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِي الْبَاطِنِ رَافِضِيًّا، وَلَا يُتصور أَنْ يَكُونَ فِي الْبَاطِنِ رَافِضِيًّا إِلَّا زِنْدِيقٌ مُنَافِقٌ، أَوْ جَاهِلٌ بِالْإِسْلَامِ كَيْفَ كَانَ مُفرط فِي الْجَهْلِ.
وَالْحِكَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ الْمُدَرِّسِينَ ذَكَرَ لِي بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّهَا كَذِبٌ مُفْتَرًى، فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ الْمُدَرِّسِينَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، فَلَا يُنكر أَنْ يَكُونَ فِي الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ مَنْ هُوَ زِنْدِيقٌ مُلْحِدٌ مَارِقٌ مِنَ الْإِسْلَامِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ رَافِضِيًّا. وَمَنِ اسْتَدَلَّ بِزَنْدَقَةِ بَعْضِ النَّاسِ فِي الْبَاطِنِ عَلَى أَنَّ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ زَنَادِقَةٌ، كَانَ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ، كَذَلِكَ مَنِ اسْتَدَلَّ برفض بعض الناس في الباطن.
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((الْوَجْهُ الْخَامِسُ: فِي بَيَانِ وُجُوبِ اتِّبَاعِ مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا إلى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute