للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلَا أَنَّهُمَا ظَلَمَاهَا، وَلَا تَكَلَّمَ أَحَدٌ فِي هَذَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ-دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَظْلُومَةً، إِذْ لَوْ عَلِمُوا أَنَّهَا مَظْلُومَةٌ لَكَانَ تَرْكُهُمْ لِنُصْرَتِهَا: إِمَّا عَجْزًا عَنْ نُصْرَتِهَا، وَإِمَّا إِهْمَالًا وَإِضَاعَةً لِحَقِّهَا، وَإِمَّا بُغْضًا فِيهَا، إِذِ الْفِعْلُ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ إِذَا أَرَادَهُ إِرَادَةً جَازِمَةً فَعَلَهُ لَا مَحَالَةَ، فَإِذَا لَمْ يَرُدَّهُ - مَعَ قِيَامِ الْمُقْتَضَى لِإِرَادَتِهِ -فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِهِ، أَوْ لَهُ مَعَارِضٌ يَمْنَعُهُ مِنْ إِرَادَتِهِ، فَلَوْ كَانَتْ مَظْلُومَةً مَعَ شَرَفِهَا وَشَرَفِ قَبِيلَتِهَا وَأَقَارِبِهَا، وَأَنَّ أَبَاهَا أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَأَحَبُّهُمْ إِلَى أُمَّتِهِ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا مَظْلُومَةٌ -لَكَانُوا إِمَّا عاجزين عن نصرتها، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مُعَارِضٌ عَارَضَ إِرَادَةَ النصر مع بغضها، وكلا الأمرين باطل؛ فإن الْقَوْمَ مَا كَانُوا كُلُّهُمْ عَاجِزِينَ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِكَلِمَةِ حَقٍّ، وَهُمْ كَانُوا أَقْدَرَ عَلَى تَغْيِيرِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا.

وَهَذَا وَغَيْرُهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى نَقِيضِ مَا تَقَوَّلَهُ الرَّافِضَةُ مِنْ أَكَاذِيبِهِمْ، وَأَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ فَاطِمَةَ لَمْ تَكُنْ مَظْلُومَةً أَصْلًا، فَكَيْفَ يَنْتَصِرُ الْقَوْمُ لِعُثْمَانَ حَتَّى سفكوا دماءهم،، ولا ينتصرون لمن هو أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ عُثْمَانَ، وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَهْلِ بيته؟!

(فَصْلٌ)

قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَسَمَّوْهَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يُسَمُّوا غَيْرَهَا بِذَلِكَ، وَلَمْ يُسَمُّوا أَخَاهَا مُحَمَّدَ بن أبي بكر- مع عظم شأنه وقربه من منزلة أَبِيهِ وَأُخْتِهِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - فَلَمْ يُسَمُّوهُ خال المؤمنين، وسموا معوية بْنَ أَبِي سُفْيَانَ خَالَ الْمُؤْمِنِينَ، لِأَنَّ أُخْتَهُ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ إِحْدَى زَوْجَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأُخْتُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَأَبُوهُ أَعْظَمُ مِنْ أُخْتِ معاوية ومن أَبِيهَا)) .

وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ ((إِنَّهُمْ سموا عائشةرضى اللَّهُ عَنْهَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يُسَمُّوا غَيْرَهَا بِذَلِكَ)) .

فَهَذَا مِنَ الْبُهْتَانِ الْوَاضِحِ الظَّاهِرِ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَمَا أَدْرِي هَلْ هَذَا الرَّجُلَ وَأَمْثَالَهُ يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ، أَمْ أَعْمَى اللَّهُ أَبْصَارَهُمْ لِفَرْطِ هَوَاهُمْ، حَتَّى خَفِيَ عَلَيْهِمْ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ؟ وهم ينكرون على بعض النواصب أن الحسن لَمَّا قَالَ لَهُمْ أَمَا تَعْلَمُونَ أَنِّي ابْنُ فاطمة بنت

<<  <   >  >>