الخامس: أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَمْرًا بِالرُّكُوعِ مَعَهُ، لَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْ رَكَعَ مَعَهُ يَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ، فَإِنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ إِمَامًا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان يركع معه.
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ: الْبُرْهَانُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تعالى: {وَاجْعَلْ لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي} (١) مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعيم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِ عَلِيٍّ وَبِيَدِي وَنَحْنُ بِمَكَّةَ، وصلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَرَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ سَأَلَكَ، وَأَنَا مُحَمَّدٌ نَبِيُّكَ أَسْأَلُكَ أَنْ تَشْرَحَ لِي صَدْرِي، وَتَحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي، يَفْقَهُوا قَوْلِي، وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي، عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخِي، أُشدد بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَمِعْتُ مُنَادِيًا يُنَادِي: يَا أَحْمَدُ قَدْ أُوتِيتَ مَا سَأَلْتَ. وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ)) .
وَالْجَوَابُ: الْمُطَالَبَةُ بِالصِّحَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلًا:
الثَّانِي: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ العلم والحديث، بَلْ هُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا مِنْ أَسْمَجِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
الثَّالِثُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا كَانَ بِمَكَّةَ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ لَمْ يَكُنِ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ وُلد، وَابْنُ عباس ولد وبنو هاشم في الشعب مَحْصُورُونَ، وَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنِ ابْنُ عَبَّاسٍ بَلَغَ سِنَّ التَّمْيِيزِ، وَلَا كَانَ مِمَّنْ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ وَهُوَ لم يحتلم بعد.
الرابع: أَنَّا قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا تَقَدَّمَ وُجُوهًا مُتَعَدِّدَةً فِي بُطْلَانِ مِثْلِ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، وَلَكِنْ هُنَا قَدْ زَادُوا فِيهِ زِيَادَاتٍ كَثِيرَةً لَمْ يَذْكُرُوهَا هُنَاكَ، وهي قوله: وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي، فَصَرَّحُوا هُنَا بِأَنَّ عَلِيًّا كَانَ شَرِيكَهُ فِي أَمْرِهِ، كَمَا كَانَ هَارُونُ شَرِيكَ مُوسَى، وَهَذَا قَوْلُ
مَنْ يَقُولُ بِنُبُوَّتِهِ، وَهَذَا كُفْرٌ صَرِيحٌ، وليس هو قول الإمامية، وإنما هو قَوْلِ الْغَالِيَةِ.
وَلَيْسَ الشَّرِيكُ فِي الْأَمْرِ هُوَ الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِهِ، فَإِنَّهُمْ يَدَّعُونَ إِمَامَتَهُ بَعْدَهُ، ومشاركته له
(١) الآية ٢٩ من سورة طه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute