(فَصْلٌ)
وَقَوْلُهُ: رَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْنِ عُمَرَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِي، اسْمُهُ كَاسْمِي، وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا، فَذَلِكَ هو المهدي))
فيقال: الجواب من وجوه:
أَحَدُهَا: أَنَّكُمْ لَا تَحْتَجُّونَ بِأَحَادِيثِ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَمِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ لَا يُفِيدُكُمْ فَائِدَةً. وَإِنْ قُلْتُمْ: هُوَ حُجَّةٌ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ، فَنَذْكُرُ كَلَامَهُمْ فِيهِ.
الثَّانِي: إِنَّ هَذَا مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ، فَكَيْفَ يَثْبُتُ بِهِ أَصْلُ الدِّينِ الَّذِي لَا يَصِحُّ الْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ؟
الثَّالِثُ: أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ لَا لَكُمْ، فَإِنَّ لَفْظَهُ: ((يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي)) فَالْمَهْدِيُّ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ. وَقَدْ رُوي عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: هُوَ مِنْ وَلَدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، لَا مِنْ وَلَدِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ.
وَأَحَادِيثُ الْمَهْدِيِّ مَعْرُوفَةٌ، رَوَاهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمْ، كَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: ((لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لطوَّل اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كما ملئت ظلما وجورا)) (١) .
الرَّابِعُ: أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَقَوْلَهُ: ((اسْمُهُ كَاسْمِي، وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي)) وَلَمْ يَقُلْ: ((يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي)) فَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فِي كُتُبِ الحديث المعروفة، بهذا اللَّفْظِ. فَهَذَا الرَّافِضِيُّ لَمْ يَذَكُرِ الْحَدِيثَ بِلَفْظِهِ الْمَعْرُوفِ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ، مِثْلِ مَسْنَدِ أَحْمَدَ، وسنن أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْكُتُبِ. وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بِلَفْظٍ مَكْذُوبٍ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ.
وَقَوْلُهُ: إِنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ رَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ: إِنْ أَرَادَ الْعَالِمَ الْمَشْهُورَ صَاحِبَ المصنَّفات الْكَثِيرَةِ
(١) انظر سنن أبي داود ج٤ ص١٥١ والترمذي ج٣ ص ٣٤٣ والمسند ج٢ ص١١٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute