سَائِرِ الصَّحَابَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((إِنَّ النَّاسَ مِنْهُ اسْتَفَادُوا الْعُلُومَ)) .
فَهَذَا بَاطِلٌ؛ فَإِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ - الَّتِي كَانَتْ دَارَهُ - كَانُوا قَدْ تَعَلَّمُوا الْإِيمَانَ، وَالْقُرْآنَ وَتَفْسِيرَهُ، وَالْفِقْهَ، وَالسُّنَّةَ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ، قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ عليٌّ الْكُوفَةَ.
وَإِذَا قِيلَ: إِنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَرَأَ عَلَيْهِ، فَمَعْنَاهُ: عَرَضَ عَلَيْهِ. وَإِلَّا فَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ قَدْ حَفِظَ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ عليّ الكوفة.
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَأَمَّا النَّحْوُ فَهُوَ وَاضِعُهُ. قال لأبي الْأَسْوَدِ: الْكَلَامُ كُلُّهُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: اسْمٌ، وَفِعْلٌ، وَحَرْفٌ. وعلَّمه وُجُوهَ الْإِعْرَابِ)) .
وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقال: أَوَّلًا: هَذَا لَيْسَ مِنْ عُلُومِ النُّبُوَّةِ، وَإِنَّمَا هُوَ عِلْمٌ مُسْتَنْبَطٌ، وَهُوَ وَسِيلَةٌ فِي حِفْظِ قَوَانِينِ اللِّسَانِ، الَّذِي نَزَل بِهِ الْقُرْآنُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ لحنٌ، فَلَمْ يُحتَج إِلَيْهِ. فَلَمَّا سَكَنَ عليٌّ الْكُوفَةَ، وَبِهَا الْأَنْبَاطُ، رُوى أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ: ((الْكَلَامُ اسْمٌ وَفِعْلٌ وَحَرْفٌ)) . وَقَالَ: ((انْحُ هَذَا النَّحْوَ)) فَفَعَلَ هَذَا لِلْحَاجَةِ. كَمَا أَنَّ مَنْ بَعْدَ عَلِيٍّ أَيْضًا اسْتَخْرَجَ لِلْخَطِّ النَّقْطَ وَالشَّكْلَ، وَعَلَامَةَ الْمَدِّ وَالشَّدِّ، وَنَحْوَهُ لِلْحَاجَةِ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بَسَط النَّحْوَ نُحَاةُ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، وَالْخَلِيلُ اسْتَخْرَجَ عِلْمَ الْعَرُوضِ.
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَفِي الْفِقْهِ: الْفُقَهَاءُ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ)) .
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ بيِّن؛ فَلَيْسَ فِي الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ - وَلَا غَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ - مَنْ يَرْجِعُ إِلَيْهِ في فقهه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute