للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ آخَرِينَ، وَلَمْ يَظْهَرْ عَنْهُ شَيْءٌ مِمَّا يَفْعَلُهُ أَقَلُّ النَّاسِ تَأْثِيرًا، مِمَّا يَفْعَلُهُ آحَادُ الْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ وَالْعُلَمَاءِ، فَضْلًا عَمَّا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ. فَأَيُّ مَنْفَعَةٍ لِلْوُجُودِ فِي مِثْلِ هَذَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا؟ فَكَيْفَ إذا كان معدوماً؟!

(فَصْلٌ)

قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((الثَّالِثُ: الْفَضَائِلُ الَّتِي اشْتَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَيْهَا الْمُوجِبَةُ لِكَوْنِهِ إِمَامًا)) .

وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ تِلْكَ الْفَضَائِلَ غَايَتُهَا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا أَهْلًا أَنْ تُعقد لَهُ الْإِمَامَةُ، لَكِنَّهُ لَا يَصِيرُ إِمَامًا بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ أَهْلًا، كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِيرُ الرَّجُلُ قَاضِيًا بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ أَهْلًا لِذَلِكَ.

الثَّانِي: أَنَّ أَهْلِيَّةَ الْإِمَامَةِ ثَابِتَةٌ لِآخَرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ كَثُبُوتِهَا لِهَؤُلَاءِ، وَهُمْ أَهْلٌ أَنْ يَتَوَلَّوُا الْإِمَامَةَ، فَلَا مُوجِبَ لِلتَّخْصِيصِ، وَلَمْ يَصِيرُوا بِذَلِكَ أَئِمَّةً.

الثَّالِثُ: أَنَّ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْهُمْ مَعْدُومٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُقَلَاءِ، فَامْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا.

الرَّابِعُ: أَنَّ الْعَسْكَرِيَّيْنِ وَنَحْوَهُمَا مِنْ طَبَقَةِ أَمْثَالِهِمَا لَمْ يُعلم لهما تَبْرِيزٌ فِي علمٍ أَوْ دِينٍ كَمَا عُرِفَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَأَبِي جَعْفَرٍ، وَجَعْفَرِ بْنِ محمد.

[(فصل)]

قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((الْفَصْلُ الْخَامِسُ: أَنَّ مَنْ تَقَدَّمَهُ (١) لَمْ يَكُنْ إِمَامًا. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ)) .

قُلْتُ: وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ إِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَوَلَّوْا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُبَايِعْهُمُ الْمُسْلِمُونَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ سُلْطَانٌ يُقِيمُونَ بِهِ الْحُدُودَ، وَيُوَفُّونَ بِهِ الْحُقُوقَ، وَيُجَاهِدُونَ بِهِ الْعَدُوَّ، وَيُصَلُّونَ بِالْمُسْلِمِينَ الْجُمَعَ وَالْأَعْيَادَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى الْإِمَامَةِ - فَهَذَا بُهت وَمُكَابَرَةٌ. فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ بِالتَّوَاتُرِ، وَالرَّافِضَةُ وَغَيْرُهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَتَوَلَّوُا الْإِمَامَةَ لَمْ تَقْدَحْ فِيهِمُ الرَّافِضَةُ.

لَكِنْ هُمْ يُطْلِقُونَ ثُبُوتَ الْإِمَامَةِ وَانْتِفَاءَهَا وَلَا يفصِّلون: هَلِ الْمُرَادُ ثُبُوتُ نَفْسِ الإمامة


(١) يعني عليّ بن أبي طالب.

<<  <   >  >>