للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِمَّنْ يُشَارِكُهُ فِيهِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَسْتَوْجِبَ بِذَلِكَ الْإِمَامَةَ.

بَلْ هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يرتدُّ أَحَدٌ عَنِ الدِّينِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا أَقَامَ اللَّهُ قُوْمًا يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ، أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكافرين، يجاهدون هؤلاء المرتدّين.

(فَصْلٌ)

قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((الْبُرْهَانُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (١) . روى أحمد بن حنبل بإسناده عن ابن أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((الصدِّيقون ثَلَاثَةٌ: حَبِيبُ بْنُ مُوسَى النَّجَّارُ مُؤْمِنُ آلِ يَاسِينَ، الَّذِي قَالَ: يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ. وَحَزْقِيلُ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ الَّذِي قَالَ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ. وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الثَّالِثُ، وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ. وَنَحْوُهُ رواه الْمَغَازِلِيِّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ وَصَاحِبُ كِتَابِ ((الْفِرْدَوْسِ)) . وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ تَدُلُّ عَلَى إِمَامَتِهِ)) .

وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ، وَهَذَا لَيْسَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ. وَمُجَرَّدُ رِوَايَتِهِ لَهُ فِي الْفَضَائِلِ، لَوْ كَانَ رَوَاهُ، لَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ عِنْدَهُ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ يَرْوِي مَا رَوَاهُ النَّاسُ، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ صِحَّتُهُ. وَكُلُّ مَنْ عَرَفَ الْعِلْمَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ حَدِيثٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْفَضَائِلِ وَنَحْوِهِ يَقُولُ:

إِنَّهُ صَحِيحٌ، بَلْ وَلَا كُلُّ حَدِيثٍ رَوَاهُ فِي مُسْنَدِهِ يَقُولُ: إِنَّهُ صَحِيحٌ، بَلْ أَحَادِيثُ مُسْنَدِهِ هِيَ الَّتِي رَوَاهَا النَّاسُ عمَّن هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ بِالنَّقْلِ وَلَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ، وَقَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِهَا عِلَّةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفٌ، بَلْ بَاطِلٌ. لَكِنَّ غَالِبَهَا وَجُمْهُورَهَا أَحَادِيثُ جَيِّدَةٌ يُحْتَجُّ بِهَا، وَهِيَ أَجْوَدُ مِنْ أَحَادِيثِ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ. وَأَمَّا مَا رَوَاهُ فِي الْفَضَائِلِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ عِنْدَهُ.

فَكَيْفَ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَرْوِهِ أَحْمَدُ: لَا فِي الْمُسْنَدِ وَلَا فِي كِتَابِ ((الْفَضَائِلِ)) وَإِنَّمَا هو من زيادات القطيعي.

الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَوْضُوعٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.


(١) الآية ١٩ من سورة الحديد.

<<  <   >  >>