(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((الْحَادِي عَشَرَ: رَوَى جَمَاعَةُ أهل السير أن عَلِيًّا كَانَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ، فَظَهَرَ ثُعْبَانٌ فَرَقِيَ الْمِنْبَرَ، وَخَافَ النَّاسُ، وَأَرَادُوا قَتْلَهُ، فَمَنَعَهُمْ، فَخَاطَبَهُ، ثُمَّ نَزَلَ. فَسَأَلَ النَّاسُ عَنْهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ حَاكِمُ الْجِنِّ، الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ قِصَّةٌ، فَأَوْضَحْتُهَا لَهُ. وَكَانَ أَهْلُ الْكُوفَةِ يُسَمُّونَ الْبَابَ الَّذِي دَخَلَ
مِنْهُ الثُّعْبَانُ: ((بَابَ الثُّعْبَانِ)) فَأَرَادَ بَنُو أُمَيَّةَ إِطْفَاءَ هَذِهِ الْفَضِيلَةِ، فَنَصَبُوا عَلَى ذَلِكَ الْبَابِ قَتْلَى مُدَّةً حَتَّى سُمِّيَ بَابَ القتل)) .
وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَا رَيْبَ أَنَّ مَنْ دُونَ عَلِيٍّ بِكَثِيرٍ تَحْتَاجُ الْجِنُّ إِلَيْهِ وَتَسْتَفْتِيهِ وَتَسْأَلُهُ، وَهَذَا مَعْلُومٌ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، فَإِنْ كَانَ هَذَا قَدْ وَقَعَ، فَقَدْرُهُ أَجَلُّ مِنْ ذَلِكَ. وَهَذَا مِنْ أَدْنَى فَضَائِلِ مَنْ هُوَ دُونَهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقَعَ، لَمْ يَنْقُصْ فَضْلُهُ بِذَلِكَ.
وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ أَنْ يُثْبِتَ فَضِيلَةَ عَلِيٍّ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ مَنْ يَكُونُ مُجْدِبًا مِنْهَا، فَأَمَّا مَنْ بَاشَرَ أَهْلَ الْخَيْرِ وَالدِّينِ، الَّذِينَ لَهُمْ أَعْظَمُ مِنْ هَذِهِ الْخَوَارِقِ، أَوْ رَأَى فِي نَفْسِهِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذِهِ الْخَوَارِقِ، لَمْ يَكُنْ هَذَا مِمَّا يُوجِبُ أَنْ يُفضَّل بها عليّ.
[(فصل)]
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي إِمَامَةِ بَاقِي الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ. لَنَا فِي ذَلِكَ طُرُقٌ: أَحَدُهَا: النَّصُّ. وَقَدْ تَوَارَثَتْهُ الشِّيعَةُ فِي الْبِلَادِ المتباعدة، خلفاً عن سلف، عن النبي (أَنَّهُ قَالَ لِلْحُسَيْنِ: ((هَذَا إِمَامٌ ابْنُ إِمَامٍ أَخُو إِمَامٍ، أَبُو أَئِمَّةٍ تِسْعَةٍ، تَاسِعُهُمْ قَائِمُهُمْ، اسْمُهُ كَاسْمِي، وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا وَقِسْطًا، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا)) .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُقال: أَوَّلًا: هَذَا كَذِبٌ عَلَى الشِّيعَةِ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يَنْقُلُهُ إِلَّا طَائِفَةٌ مِنْ طَوَائِفِ الشِّيعَةِ، وَسَائِرُ طَوَائِفِ الشِّيعَةِ تُكَذِّبُ هَذَا. وَالزَّيْدِيَّةُ بِأَسْرِهَا تُكَذِّبُ هَذَا، وَهُمْ أَعْقَلُ الشِّيعَةِ وَأَعْلَمُهُمْ وَخِيَارُهُمْ. وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةُ كُلُّهُمْ يُكَذِّبُونَ بِهَذَا، وَسَائِرُ فِرَقِ الشِّيعَةِ تُكَذِّبُ بِهَذَا، إِلَّا الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ، وَهُمْ فِرْقَةٌ مِنْ نَحْوِ سَبْعِينَ فرقة من طوائف الشيعة.
وَبِالْجُمْلَةِ فَالشِّيعَةُ فِرَقٌ مُتَعَدِّدَةٌ جِدًّا، وَفِرَقُهُمُ الْكِبَارُ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ فِرْقَةً، كُلُّهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute