للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَسَمَّوْا خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ سَيْفَ اللَّهِ عِنَادًا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، الَّذِي هُوَ أَحَقُّ بِهَذَا الِاسْمِ، حَيْثُ قَتَلَ بِسَيْفِهِ الْكُفَّارَ)) .

فيقال: أما تسمية خالد بن الوليد بِسَيْفِ اللَّهِ فَلَيْسَ هُوَ مُخْتَصًّا بِهِ، بَلْ هُوَ ((سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سلَّه اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ)) (١) هَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ أَوَّلُ مَنْ سَمَّاهُ بهذا الِاسْمِ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ: ((أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فأُصيب، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فأُصيب، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ رَوَاحَةَ فأُصيب وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، حَتَّى أَخَذَهَا سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ خَالِدٌ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عليهم)) (٢) .

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((عَلِيٌّ أَحَقُّ بِهَذَا الِاسْمِ)) .

فَيُقَالُ: أَوَّلًا: مَنِ الَّذِي نَازَعَ فِي ذَلِكَ؟ وَمَنْ قَالَ: إِنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ سَيْفًا مِنْ سيوف الله وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلَّهِ سُيُوفًا مُتَعَدِّدَةً، وَلَا رَيْبَ أَنَّ عَلِيًّا مِنْ أَعْظَمِهَا. وَمَا فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ يفضِّل خَالِدًا عَلَى عَلِيٍّ، حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهُمْ جَعَلُوا هَذَا مُخْتَصًّا بِخَالِدٍ. وَالتَّسْمِيَةُ بِذَلِكَ وَقَعَتْ مِنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي قَالَ: إِنَّ خَالِدًا سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ.

ثُمَّ يُقَالُ: ثَانِيًا: عَلِيٌّ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ خَالِدٍ، وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ تُجْعَلَ فَضِيلَتُهُ أَنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ؛ فَإِنَّ عَلِيًّا لَهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ وَالدِّينِ وَالْإِيمَانِ وَالسَّابِقَةِ مَا هُوَ بِهِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُجعل فَضِيلَتُهُ أَنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ؛ فَإِنَّ السَّيْفَ خَاصَّتُهُ الْقِتَالُ، وَعَلِيٌّ كَانَ الْقِتَالُ أَحَدَ فَضَائِلِهِ؛ بِخِلَافِ خَالِدٍ فَإِنَّهُ كَانَ هُوَ فَضِيلَتُهُ الَّتِي تَمَيَّزَ بها على غَيْرِهِ، لَمْ يَتَقَدَّمْ بِسَابِقَةٍ وَلَا كَثْرَةِ عِلْمٍ وَلَا عَظِيمِ زُهْدٍ، وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ بِالْقِتَالِ؛ فَلِهَذَا عبّر عن خالد بأنه سيف من


(١) أخرجه أحمد. انظر المسند ج١ ص ١٧٣ طبعة المعارف.
(٢) البخاري: ج٥ ص٢٧ والمسند ج٣ ص١١٣.

<<  <   >  >>