هَذَا إِذَا كَانَ الْكَافِرُ أَصْلِيًّا. وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ إِذَا قُتِلَ , أَوْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ. فَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَيْسَ عليها عدة وفاة بل عدة فرقة بائنة , لِأَنَّ النِّكَاحَ بَطَلَ بِرِدَّةِ الزَّوْجِ. وَهَذِهِ الْفُرْقَةُ لَيْسَتْ طَلَاقًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ , وَهِيَ طَلَاقٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ , وَلِهَذَا لَمْ يُوجِبُوا عليها عدة وفاة , بل عدة فرقة بائنة , فَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا عِدَّةَ عليها, كما ليس عليها عدة من طلاق.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ خَالِدًا قَتَلَ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ لِأَنَّهُ رَآهُ مُرْتَدًّا , فَإِذَا كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِامْرَأَتِهِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ , وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عليه
اسْتِبْرَاءٌ بِحَيْضَةٍ لَا بِعِدَّةٍ كَامِلَةٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ , وَفِي الْآخَرِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ. وَإِنْ كَانَ كَافِرًا أَصْلِيًّا فَلَيْسَ عَلَى امْرَأَتِهِ عِدَّةُ وَفَاةٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ. وَإِذَا كَانَ الْوَاجِبُ اسْتِبْرَاءً بِحَيْضَةٍ فَقَدْ تَكُونُ حَاضَتْ. وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَجْعَلُ بَعْضَ الْحَيْضَةِ اسْتِبْرَاءً , فَإِذَا كَانَتْ فِي آخِرِ الْحَيْضِ جَعَلَ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءً لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَنَحْنُ لَمْ نَعْلَمْ أَنَّ الْقَضِيَّةَ وَقَعَتْ عَلَى وَجْهٍ لَا يَسُوغُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ وَالطَّعْنُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلَا عِلْمٍ , وَهَذَا مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ ورسوله.
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَخَالَفَ أَمْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَوْرِيثِ بِنْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنَعَهَا فَدَكًا , وَتَسَمَّى بِخَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غير أن يستخلفه)) .
الجواب: أَمَّا الْمِيرَاثُ فَجَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ , مَا خَلَا بَعْضَ الشِّيعَةِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ , وَبَيَّنَّا أَنَّ هَذَا مِنَ الْعِلْمِ الثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وَأَنَّ قَوْلَ الرَّافِضَةِ بَاطِلٌ قَطْعًا.
وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَ مِنْ فَدَكٍ , وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ لَمْ يَتَعَلَّقَا مِنْ فَدَكٍ وَلَا غَيْرِهَا مِنَ الْعَقَارِ بِشَيْءٍ وَلَا أَعْطَيَا أَهْلَهُمَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا. وَقَدْ أَعْطَيَا بَنِي هَاشِمٍ أَضْعَافَ أَضْعَافِ ذَلِكَ.
ثُمَّ لَوِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِأَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَمْنَعُ الْمَالَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَغَيْرَهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ , حَتَّى أَخَذَ ابْنُ عَبَّاسٍ بعض مال البصرة وذهب به. لَمْ يَكُنِ الْجَوَابُ عَنْ عَلِيٍّ إِلَّا بِأَنَّهُ إمام عادل.