هَذَا الدُّعَاءُ مَشْرُوعًا لِشَرْعِهِ لِأُمَّتِهِ.
السَّادِسُ: أَنَّ الْإِقْسَامَ عَلَى اللَّهِ بِالْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ أَمْرٌ لَمْ يَرِدْ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ، بَلْ قَدْ نَصَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ - كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَغَيْرِهِمَا - عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْسَمَ عَلَى اللَّهِ بِمَخْلُوقٍ. وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ.
السَّابِعُ: أَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ مَشْرُوعًا فَآدَمُ نَبِيٌّ كَرِيمٌ، كَيْفَ يُقْسِمُ عَلَى اللَّهِ بِمَنْ هُوَ أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُ؟ وَلَا رَيْبَ أَنَّ نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ مِنْ آدَمَ، لَكِنَّ آدَمَ أفضل من عليّ وفاطمة وحسن وحسين.
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِي: ((الْبُرْهَانُ الْحَادِي عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي} (١) ، رَوَى الْفَقِيهُ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ الشَّافِعِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: انْتَهَتِ الدَّعْوَةُ إِلَيَّ وَإِلَى عَلِيٍّ، لَمْ يَسْجُدْ أَحَدُنَا لِصَنَمٍ قَطُّ، فَاتَّخِذْنِي نَبِيًّا وَاتَّخِذْ عَلِيًّا وَصِيًّا. وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ)) .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ هَذَا كَمَا تَقَدَّمَ.
الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بإجماع أهل العلم بالحديث.
الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ: ((انْتَهَتِ الدَّعْوَةُ إِلَيْنَا)) كَلَامٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّهُ إِنْ أُرِيدَ: أَنَّهَا لَمْ تُصب مَنْ قَبْلَنَا كَانَ مُمْتَنِعًا، لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ دَخَلُوا فِي الدَّعْوَةِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ كَوْنَ الشَّخْصِ لَمْ يَسْجُدْ لِصَنَمٍ فَضِيلَةٌ يُشَارِكُهُ فِيهَا جَمِيعُ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْإِسْلَامِ، مَعَ أَنَّ السَّابِقِينَ الأوَّلين أَفْضَلُ مِنْهُ، فَكَيْفَ يُجْعَلُ الْمَفْضُولُ مُسْتَحِقًّا لِهَذِهِ الْمَرْتَبَةِ دُونَ الْفَاضِلِ؟
الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَوْ قِيلَ: أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ لِصَنَمٍ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ الْبُلُوغِ، فلم يسجد بعد
(١) الآية ١٢٤ من سورة البقرة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute