للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا أَرْبَعٌ)) (١) . فالصديقون من الرجال كثيرون.

[(فصل)]

قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: ((أَنْتَ مِنِّي وأنا منك)) .

وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا حَدِيثُ صَحِيحٌ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، لَمَّا تَنَازَعَ عَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ وَزَيْدٌ فِي ابْنَةِ حَمْزَةَ، فَقَضَى بِهَا لِخَالَتِهَا، وَكَانَتْ تَحْتَ جَعْفَرٍ، وَقَالَ لِعَلِيٍّ: ((أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ)) . وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: ((أشبهت خَلْقِي وخُلُقي)) . وقال ليزيد: ((أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا)) (٢) .

لَكِنَّ هَذَا اللَّفْظَ قَدْ قَالَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّتْ نَفَقَةُ عِيَالِهِمْ فِي الْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ مَعَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ قَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ. هُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ)) (٣) .

وَكَذَلِكَ قَالَ عَنْ جُلَيْبِيبٍ: ((هُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ)) فَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَغْزًى لَهُ. فَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: ((هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟)) . قَالُوا: نَعَمْ، فُلَانًا وَفُلَانًا. ثُمَّ قَالَ: ((هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟)) قَالُوا: نَعَمْ، فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا. ثُمَّ قَالَ: ((هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟)) قَالُوا: لَا. قَالَ: ((لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فَاطْلُبُوهُ)) فَطَلَبُوهُ فِي

الْقَتْلَى، فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ فَأَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ ((قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ. هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ)) قَالَ: فَوَضَعَهُ عَلَى سَاعِدَيْهِ، لَيْسَ لَهُ إِلَّا سَاعِدَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ: فَحُفِرَ لَهُ فَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ غُسْلًا)) (٤) .

فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُ لِعَلِيٍّ: ((أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ)) لَيْسَ من خصائصه، بل قال ذلك


(١) انظر البخاري: مع الفتح ج٦ ص٤٤٦و٤٧١، ومسلم: ج٤ ص١٨٨٦.
(٢) انظر البخاري: ج٣ ص ١٨٤ وغيره.
(٣) انظر البخاري ج٣ ص١٣٨ ومسلم ج٤ ص ١٩٤٤ - ١٩٤٥.
(٤) انظر مسلم ج٤ ص ١٩١٨ - ١٩١٩.

<<  <   >  >>