ذُرِّيَّتِهَا عَلَى النَّارِ وَأَنْتَ تَظْلِمُ. وَاللَّهِ مَا نالوا ذلك إلا بطاعة لله، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَنَالَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ مَا نالوا بِطَاعَتِهِ، إِنَّكَ إِذًا لَأَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ.
وَضَرَبَ الْمَأْمُونُ اسْمَهُ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَكَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْآفَاقِ بِبَيْعَتِهِ، وَطَرَحَ السَّوَادَ وَلَبِسَ الخضرة)) .
فَيُقَالُ: مِنَ الْمَصَائِبِ الَّتِي ابتُلي بِهَا وَلَدُ الْحُسَيْنِ انْتِسَابُ الرَّافِضَةِ إِلَيْهِمْ وَتَعْظِيمُهُمْ وَمَدْحُهُمْ لَهُمْ، فإنهم يُمدحون بِمَا لَيْسَ بِمَدْحٍ، وَيَدَّعُونَ لَهُمْ دَعَاوَى لَا حُجَّةَ لَهَا، وَيَذْكُرُونَ مِنَ الْكَلَامِ مَا لَوْ لَمْ يُعرف فَضْلُهُمْ مِنْ غَيْرِ كَلَامِ الرَّافِضَةِ، لَكَانَ مَا تَذْكُرُهُ الرَّافِضَةُ بِالْقَدْحِ أَشْبَهَ مِنْهُ في المدح، فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى لَهُ مِنَ الْمَحَاسِنِ وَالْمَكَارِمِ الْمَعْرُوفَةِ، وَالْمَمَادِحِ الْمُنَاسِبَةِ لِحَالِهِ اللَّائِقَةِ
بِهِ، مَا يَعْرِفُهُ بِهَا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ. وَأَمَّا هَذَا الرَّافِضِيُّ فَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ فَضِيلَةً وَاحِدَةً بِحُجَّةٍ.
وأما قوله: ((إن كَانَ أَزْهَدَ النَّاسِ وَأَعْلَمَهُمْ)) فَدَعْوَى مُجَرَّدَةٌ بِلَا دَلِيلٍ، فَكُلُّ مَنْ غَلَا فِي شَخْصٍ أَمْكَنَهُ أَنْ يَدَّعِيَ لَهُ هَذِهِ الدَّعْوَى. كَيْفَ وَالنَّاسُ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَانِهِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ، وَمَنْ هُوَ أَزْهَدُ مِنْهُ، كَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَشْهَبَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ، وَمَعْرُوفٍ الكرخي، وأمثال هؤلاء.
وأما قوله: ((إنه أخذ عن فُقَهَاءُ الْجُمْهُورِ كَثِيرًا)) فَهَذَا مِنْ أَظْهَرِ الْكَذِبِ. هؤلاء فقهاء الجمهور المشهورين لَمْ يَأْخُذُوا عَنْهُ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ، وَإِنْ أَخَذَ عَنْهُ بَعْضُ مَنْ لَا يُعرف مِنْ فُقَهَاءِ الْجُمْهُورِ فَهَذَا لَا يُنكر، فَإِنَّ طَلَبَةَ الفقهاء قد يأخذون من الْمُتَوَسِّطِينَ فِي الْعِلْمِ، وَمَنْ هُمْ دُونَ الْمُتَوَسِّطِينَ.
وما ذكره بَعْضُ النَّاسِ مِنْ أَنَّ مَعْرُوفًا الْكَرْخِيَّ كَانَ خادماًله، وأنه أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute