للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفَةِ، وَلَا لَهُ إِسْنَادٌ مَعْرُوفٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا صَحِيحٌ وَلَا حَسَنٌ. وَنَحْنُ إِذَا شَهِدْنَا لِفَاطِمَةَ بِالْجَنَّةِ، وَبِأَنَّ اللَّهَ يَرْضَى عَنْهَا، فَنَحْنُ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعِيدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِذَلِكَ نَشْهَدُ، وَنَشْهَدُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ بِرِضَاهُ عَنْهُمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ - رضي الله عنه - مْ وَرَضُوا عَنْه} (١) ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {َلقدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَة} (٢) . وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، وَمَنْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ لَا يَضُرُّهُ غَضَبُ أَحَدٍ من الخلق عليه كائنا من كان.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((رَوَوْا جَمِيعًا أَنَّ فَاطِمَةَ بِضْعَةٌ مِنِّي مَنْ آذَاهَا آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي آذَى اللَّهَ)) فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يُرْوَ بِهَذَا اللَّفْظِ، بَلْ رُوِيَ بِغَيْرِهِ، كَمَا رُوِيَ فِي سِيَاقِ حَدِيثِ خِطْبَةِ عَلِيٍّ لِابْنَةِ أَبِي جَهْلٍ، لَمَّا قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خطيبا

فقال: ((إن ابني هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِي أَنْ يَنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَإِنِّي لَا آذَنُ، ثُمَّ لَا آذَنُ، ثُمَّ لَا آذَنُ، إِنَّمَا فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا رَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يطلق ابنتي وينكح ابنتهم)) .

الْوَجْهُ الثَّامِنُ: أَنَّ قَوْلَهُ: ((لَوْ كَانَ هَذَا الْخَبَرُ صَحِيحًا حَقًّا لَمَا جَازَ لَهُ تَرْكُ الْبَغْلَةِ وَالسَّيْفِ وَالْعِمَامَةِ عِنْدَ عَلِيٍّ وَالْحُكْمُ لَهُ بِهَا لَمَّا ادَّعَاهَا الْعَبَّاسُ)) .

فَيُقَالُ: وَمَنْ نَقَلَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ حَكَمَا بِذَلِكَ لِأَحَدٍ، أو تركا ذلك عِنْدَ أَحَدٍ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِلْكٌ لَهُ، فَهَذَا مِنْ أبْيَن الْكَذِبِ عَلَيْهِمَا، بَلْ غَايَةُ مَا فِي هَذَا أَنْ يُترك عِنْدَ مَنْ يُترك عنده، كما ترك صَدَقَتَهُ عِنْدَ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ لِيَصْرِفَاهَا فِي مَصَارِفِهَا الشَّرْعِيَّةِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((وَلَكَانَ أَهْلُ الْبَيْتِ الَّذِينَ طَهَّرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مُرْتَكِبِينَ مَا لَا يَجُوزُ)) .

فَيُقَالُ لَهُ: أَوَّلًا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُخْبِرْ أَنَّهُ طَهَّرَ جَمِيعَ أَهْلِ الْبَيْتِ وَأَذْهَبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ، فَإِنَّ هَذَا كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ. كَيْفَ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ فِي بَنِي هَاشِمٍ مَنْ لَيْسَ بِمُطَهَّرٍ مِنَ الذُّنُوبِ، وَلَا أُذْهِبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ الرَّافِضَةِ، فَإِنَّ عِنْدَهُمْ كُلُّ مَنْ كَانَ مَنْ بَنِي هاشم يحب أبا بكر عمر - رضي الله عنه - ما فليس بمطهِّر، والآية إنما قال فيها: {َما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُم لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون} (٣)


(١) الآية ١٠٠ من سورة التوبة.
(٢) الآية ١٠٠ من سورة التوبة.
(٣) الآية ٦ من سورة المائدة.

<<  <   >  >>