وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((وَعِظَمِ شَأْنِهِ)) .
فَإِنْ أَرَادَ عِظَمَ نسبه، فالنسب لاحرمة لَهُ عِنْدَهُمْ، لِقَدْحِهِمْ فِي أَبِيهِ وَأُخْتِهِ. وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَإِنَّمَا يُعَظِّمُونَ بِالتَّقْوَى، لَا بِمُجَرَّدِ النَّسَبِ. قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُم} (١) . وَإِنْ أَرَادَ عِظَمَ شَأْنِهِ لِسَابِقَتِهِ وَهِجْرَتِهِ وَنُصْرَتِهِ وَجِهَادِهِ، فَهُوَ لَيْسَ مِنَ الصَّحَابَةِ: لَا مِنَ المهاجرين ولا من الْأَنْصَارِ. وَإِنْ أَرَادَ بِعِظَمِ شَأْنِهِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ وأَدْيَنهم، فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((وَأُخْتُ مُحَمَّدٍ وَأَبُوهُ أَعْظَمُ مِنْ أُخْتِ مُعَاوِيَةَ وَأَبِيهَا)) .
فَيُقَالُ: هَذِهِ الْحُجَّةُ بَاطِلَةٌ عَلَى الْأَصْلَيْنِ. وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ لَا يُفَضِّلُونَ الرَّجُلَ إِلَّا بِنَفْسِهِ، فَلَا يَنْفَعُ مُحَمَّدًا قُرْبُهُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَائِشَةَ، وَلَا يَضُرُّ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَفْضَلَ نَسَبًا مِنْهُ، وَهَذَا أَصْلٌ مَعْرُوفٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ، كَمَا لَمْ يضر السابقين الأوّلين من المهاجرين
(١) الآية١٣ من سورة الحجرات.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute