للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَدْ يَصْدُرُ مِنْهُ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ الشرعية، فكيف بالتعزير؟.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((وَقَالَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((عَمَّارٌ جِلْدَةٌ بَيْنَ عَيْنَيْ، تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، لَا أَنَالَهُمُ اللَّهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القيامة)) .

فيقال: الذي في الصحيح: ((تقتل عمّار الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ)) (١) ٢) وَطَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ ضَعَّفُوا هَذَا الْحَدِيثَ، مِنْهُمُ الْحُسَيْنُ الْكَرَابِيسِيُّ وَغَيْرُهُ، وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((لَا أَنَالَهُمُ اللَّهُ شَفَاعَتِي)) فَكَذِبٌ مَزِيدٌ فِي الْحَدِيثُ، لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِإِسْنَادٍ مَعْرُوفٍ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ((عَمَّارٌ جِلْدَةٌ بَيْنَ عَيْنَيَّ)) لَا يُعْرَفُ لَهُ إِسْنَادٌ.

وَلَوْ قِيلَ مِثْلُ ذَلِكَ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: ((إِنَّمَا فَاطِمَةُ بُضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا يُرِيبُهَا)) (٢) . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ((لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يدها)) (٣) . وثبت عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ أُسَامَةَ، ثُمَّ يَقُولُ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ)) (٤) . وَمَعَ هَذَا

لَمَّا قَتَلَ ذَلِكَ الرجل أنكر عليه إنكار شديدا وقال: ((يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)) قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أسلمت إلا يومئذ)) (٥) .

كَذَلِكَ عُثْمَانُ فِيمَنْ أَقَامَ عَلَيْهِ حَدًّا أَوْ تَعْزِيرًا هُوَ أَوْلَى بِالْعِلْمِ وَالْعَدْلِ مِنْهُمْ. وَإِذَا وَجَبَ الذَّبُّ عَنْ عَلِيٍّ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَالذَّبُّ عَنْ عُثْمَانَ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَوْلى.

وَقَوْلُهُ: ((وَطَرَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَكَمَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ عَمَّ عُثْمَانَ عَنِ الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ ابْنُهُ مَرْوَانُ، فَلَمْ يَزَلْ هُوَ وَابْنُهُ طَرِيدَيْنِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَمَّا وَليَ عُثْمَانُ آوَاهُ وَرَدَّهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَجَعَلَ مَرْوَانَ كَاتِبَهُ وَصَاحِبَ تَدْبِيرِهِ. مَعَ أَنَّ اللَّهَ قال: {لاَّ تَجِدُ قَوْمًا


(١) انظر البخاري ج١ ص ٩٣ وج٤ ص ٢١ ومسلم ج٤ ص ٢٢٣٥ - ٢٢٣٦.
(٢) البخاري ج٣ ص ١٩٠ وج٥ ص ٢٢-٢٣، ومسلم ج٤ ص ١٩٠٢ - ١٩٠٤.
(٣) البخاري ج٥ ص ٢٣ ومواضع أُخر ومسلم ج ٣ ص ١٣١٥ -١٣١٦.
(٤) انظر البخاري ج٥ ص ٢١.
(٥) انظر صحيح مسلم ج١ ص ٩٦- ٩٧ وسنن أبي داود ج٣ ص ٦١.

<<  <   >  >>