وَدَعْ مَا يُسمع ويُنقل عمَّن خَلَا، فَلْيَنْظُرْ كُلُّ عَاقِلٍ فِيمَا يَحْدُثُ فِي زَمَانِهِ، وَمَا يَقْرُبُ مِنْ زَمَانِهِ مِنَ الْفِتَنِ وَالشُّرُورِ وَالْفَسَادِ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ يَجِدُ مُعْظَمَ ذَلِكَ مِنْ قِبَل الرافضة، وتجدهم أَعْظَمِ النَّاسِ فِتَنًا وَشَرًّا، وَأَنَّهُمْ لَا يَقْعُدُونَ عمَّا يُمْكِنُهُمْ مِنَ الْفِتَنِ وَالشَّرِّ وَإِيقَاعِ الْفَسَادِ بَيْنَ الْأُمَّةِ.
وَنَحْنُ نَعْرِفُ بِالْعَيَانِ وَالتَّوَاتُرِ الْعَامِّ وَمَا كَانَ فِي زَمَانِنَا، مِنْ حِينِ خَرَجَ جِنْكِزْخَانْ مَلِكُ التُّرْكِ الكفَّار، وَمَا جَرَى فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الشَّرِّ. فَلَا يَشُكُّ عَاقِلٌ أَنَّ استيلاء الكفّار المشركين، عَلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَى أَقَارِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، كذريَّة الْعَبَّاسِ وَغَيْرِهِمْ، بِالْقَتْلِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ، وَسَبْيِ النِّسَاءِ وَاسْتِحْلَالِ فُرُوجِهِنَّ، وَسَبْيِ الصِّبْيَانِ وَاسْتِعْبَادِهِمْ وَإِخْرَاجِهِمْ عَنْ دِينِ اللَّهِ إِلَى
الْكُفْرِ، وَقَتْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَالصَّلَاةِ، وَتَعْظِيمِ بُيُوتِ الْأَصْنَامِ - الَّتِي يسمُّونها الْبَذْخَانَاتِ والبيَع وَالْكَنَائِسَ - عَلَى الْمَسَاجِدِ، وَرَفْعِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ النَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، بِحَيْثُ يَكُونُ الْمُشْرِكُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ أَعْظَمُ عِزًّا، وَأَنْفَذُ كَلِمَةً، وَأَكْثَرُ حُرْمَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَشُكُّ عَاقِلٌ أَنَّ هَذَا أَضَرُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ قِتَالِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَأَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا رَأَى مَا جَرَى عَلَى أُمَّتِهِ مِنْ هَذَا، كَانَ كَرَاهَتُهُ لَهُ، وَغَضَبُهُ مِنْهُ، أَعْظَمُ مِنْ كَرَاهَتِهِ لِاثْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ تَقَاتَلَا عَلَى الْمُلْكِ، وَلَمْ يَسْبِ أَحَدُهُمَا حَرِيمَ الْآخَرِ، وَلَا نَفَعَ كَافِرًا، وَلَا أبطل شيئا من شرائع الإسلام المواترة، وَشَعَائِرِهِ الظَّاهِرَةِ.
ثُمَّ مَعَ هَذَا الرَّافِضَةُ يُعَاوِنُونَ أُولَئِكَ الْكُفَّارَ، وَيَنْصُرُونَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، كَمَا قَدْ شَاهَدَهُ النَّاسُ، لَمَّا دَخَلَ هُولَاكُو مَلِكُ الْكُفَّارِ التُّرْكِ الشَّامَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَإِنَّ الرَّافِضَةَ الَّذِينَ كَانُوا بِالشَّامِ، بِالْمَدَائِنِ وَالْعَوَاصِمِ، مِنْ أَهْلِ حَلَبَ وَمَا حَوْلَهَا، وَمِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ وَمَا حَوْلَهَا، وَغَيْرَهُمْ، كَانُوا مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ أَنْصَارًا وَأَعْوَانًا عَلَى إِقَامَةِ مُلْكِهِ، وَتَنْفِيذِ أَمْرِهِ فِي زَوَالِ مُلْكِ الْمُسْلِمِينَ.
وَهَكَذَا يَعْرِفُ النَّاسُ - عَامَّةً وَخَاصَّةً - مَا كَانَ بِالْعِرَاقِ لَمَّا قَدمَ هُولَاكُو إِلَى الْعِرَاقِ، وَقَتَلَ الْخَلِيفَةَ، وَسَفَكَ فِيهَا مِنَ الدِّمَاءِ مَا لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ، فَكَانَ وَزِيرُ الْخَلِيفَةِ ابْنُ الْعَلْقَمِيِّ، وَالرَّافِضَةُ هُمْ بِطَانَتُهُ، الَّذِينَ أَعَانُوهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ، بَاطِنَةٍ وَظَاهِرَةٍ، يَطُولُ وَصْفُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute