للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَا لَا يُطَاقُ، فَهَلْ يَكُونُ فِي تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ أَبْلَغُ مِنْ هَذَا؟

فَقَالَ: إِثْبَاتُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تِلْكَ الْمُقَدِّمَاتِ. قُلْتُ: لَكِنَّ الْمَقْصُودَ لَنَا مِنْ تِلْكَ الْمُقَدِّمَاتِ هُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِنَا نَحْنُ، وَإِلَّا فَمَا عَلَيْنَا مما مضى إذا لم يتعلق الأمر بِنَا مِنْهُ أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ.

وَإِذَا كَانَ كَلَامُنَا فِي تِلْكَ الْمُقَدِّمَاتِ لَا يُحَصِّلُ لَنَا فَائِدَةً وَلَا لُطْفًا وَلَا يُفِيدُنَا إِلَّا تَكْلِيفَ مَا لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ، عُلِمَ أَنَّ الْإِيمَانَ بِهَذَا الْمُنْتَظَرِ مِنْ بَابِ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ، لَا من باب اللطف والمصلحة.

والذي عند الْإِمَامِيَّةُ مِنَ النَّقْلِ عَنِ الْأَئِمَّةِ الْمَوْتَى إِنْ كَانَ حَقًّا يَحْصُلُ بِهِ سَعَادَتُهُمْ فَلَا حَاجَةَ بِهِمْ إِلَى الْمُنْتَظَرِ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا فَهُمْ أَيْضًا لَمْ يَنْتَفِعُوا بِالْمُنْتَظَرِ فِي رَدِّ هَذَا الْبَاطِلِ، فَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِالْمُنْتَظَرِ لَا فِي إِثْبَاتِ حَقٍّ وَلَا فِي نَفْيِ بَاطِلٍ، وَلَا أَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَلَا نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ، وَلَمْ يَحْصُلْ به لواحد منهم شيء من المصلحة واللطف والمنفعة المطلوبة مِنَ الْإِمَامَةِ.

وَالْجُهَّالُ الَّذِينَ يُعَلِّقُونَ أُمُورَهُمْ بِالْمَجْهُولَاتِ كرجال الغيب والقطب وَالْغَوْثِ وَالْخَضِرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مَعَ جَهْلِهِمْ وَضَلَالِهِمْ وَكَوْنِهِمْ يُثْبِتُونَ مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ بِهِ مَصْلَحَةٌ وَلَا لُطْفٌ وَلَا مَنْفَعَةٌ لَا فِي الدِّينِ وَلَا فِي الدُّنْيَا، أَقَلُّ ضَلَالًا مِنَ الرافضة، فإن الخضر ينتفع برؤيته وبموعظته، وَإِنْ كَانَ غَالِطًا فِي اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ الْخَضِرُ فَقَدْ يَرَى أَحَدُهُمْ بَعْضَ الْجِنِّ فَيَظُنُّ أَنَّهُ الْخَضِرُ، وَلَا يُخَاطِبُهُ الْجِنِّيُّ إِلَّا بِمَا يَرَى أَنَّهُ يَقْبَلُهُ مِنْهُ لِيَرْبِطَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَيَكُونُ الرَّجُلُ أَتَى مِنْ نَفْسِهِ لَا مِنْ ذَلِكَ الْمُخَاطِبِ لَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لِكُلِّ زَمَانٍ خَضِرٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لِكُلِّ وَلِيٍّ خَضِرٌ.

وَلِلْكُفَّارِ كَالْيَهُودِ مَوَاضِعُ يَقُولُونَ إِنَّهُمْ يَرَوْنَ الْخَضِرَ فِيهَا، وَقَدْ يُرَى الْخَضِرُ عَلَى صُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَعَلَى صُورَةٍ هَائِلَةٍ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي يَقُولُ إِنَّهُ الْخَضِرُ هُوَ جِنِّيٌّ، بَلْ هُوَ شَيْطَانٌ، يَظْهَرُ لِمَنْ يَرَى أَنَّهُ يُضِلُّهُ، وَفِي ذَلِكَ حِكَايَاتٌ كَثِيرَةٌ يَضِيقُ هَذَا الْمَوْضِعُ عَنْ ذِكْرِهَا، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَأَصْنَافُ الشيعة أكثر ضلالا من هؤلاء، فإن المنتظر ليس عندهم نَقْلٌ ثَابِتٌ عَنْهُ، وَلَا يَعْتَقِدُونَ فِيمَنْ يَرَوْنَهُ أَنَّهُ الْمُنْتَظِرُ، وَلَمَّا دَخَلَ السِّرْدَابَ كَانَ عِنْدَهُمْ صغيرا لم

<<  <   >  >>