يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ كَالرَّافِضَةِ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ، وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ فِي أَئِمَّةِ الْفِقْهِ الَّذِينَ يُرْجَعُ إِلَيْهِمْ رَافِضِيٌّ، وَلَا فِي أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَلَا فِي أَئِمَّةِ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ، وَلَا فِي أئمة الجيوش المؤيدة المنصورة رَافِضِيٌّ، وَلَا فِي الْمُلُوكِ الَّذِينَ نَصَرُوا الْإِسْلَامَ وَأَقَامُوهُ وَجَاهَدُوا عَدُوَّهُ مَنْ هُوَ رَافِضِيٌّ، وَلَا فِي الْوُزَرَاءِ الَّذِينَ لَهُمْ سِيرَةٌ مَحْمُودَةٌ مَنْ هُوَ رَافِضِيٌّ.
وَأَكْثَرُ مَا تَجِدُ الرَّافِضَةَ إِمَّا فِي الزَّنَادِقَةِ الْمُنَافِقِينَ الْمُلْحِدِينَ، وَإِمَّا فِي جُهَّالٍ ليس لهم علم بالمنقولات ولا بالمعقولات، قد نشأ بالبوادي والجبال، وتجبروا على الْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يُجَالِسُوا أَهْلَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَإِمَّا فِي ذَوِي الْأَهْوَاءِ مِمَّنْ قَدْ حَصَلَ لَهُ بذلك رياسة ومال، أوله نسب يتعصب به كَفِعْلِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَمَّا مَنْ هُوَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، فَلَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ رَافِضِيٌّ، لِظُهُورِ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ فِي قَوْلِهِمْ، وَتَجِدُ ظُهُورَ الرَّفْضِ فِي شَرِّ الطَّوَائِفِ كَالنَّصِيرِيَّةِ والاسماعيلية، والملاحدة الطرقية، وفيهم من الْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ وَإِخْلَافِ الْوَعْدِ مَا يَدُلُّ عَلَى نِفَاقِهِمْ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ، إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ،
وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ)) (١) - زَادَ مُسْلِمٌ - ((وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ)) وَأَكْثَرُ مَا تُوجَدُ هَذِهِ الثَّلَاثُ فِي طَوَائِفِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فِي الرَّافِضَةِ.
وَأَيْضًا فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُفْتَرِي: هَبْ أَنَّ الَّذِينَ بَايَعُوا الصِّدِّيقَ كَانُوا كَمَا ذَكَرْتَ إِمَّا طَالِبُ دُنْيَا وَإِمَّا جَاهِلٌ، فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ أُولَئِكَ فِي قُرُونِ الْأُمَّةِ، مَنْ يَعْرِفُ كُلَّ أَحَدٍ زكاءهم، وذكاءهم.
مثل سعيد بن المسيب، الحسن الْبَصْرِيِّ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَعَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، وَعَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحرث بْنِ هِشَامٍ، وَمُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، وَحَبِيبٍ الْعَجَمِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، وَمَكْحُولٍ، والحكم بن عتبة، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَمَنْ لَا يُحْصِي عددهم إلا الله.
ثم بعدهم أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، وَيُونُسَ بن عبيد، وجعفر بن محمد،
(١) انظر البخاري ج١ ص ١٢ وغيره، ومسلم ج١ ص٧٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute