أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ بِإِرْخَاءِ ذَيْلِهِ وَيُكْرَهَانِ حِينَئِذٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي تَذْنِيبِهِ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي وَاخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُمَا خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهَانِ (وَيَحْرُمَانِ بِدُونِهِ) أَيْ: السَّاتِرِ (فِي غَيْرِ مُعَدٍّ) لِذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَيَا أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى حَاجَتَهُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ مُسْتَدْبَرَ الْكَعْبَةِ» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذُكِرَ عِنْدَهُ أَنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِفُرُوجِهِمْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
السَّاتِرِ الْمَذْكُورِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا يَكْتَفِي بِدُونِهِ حَرِّرْ. قَالَ شَيْخُنَا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلسَّاتِرِ عَرْضٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ مَا تَوَجَّهَ بِهِ وَفِي كَلَامِ حَجّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرْضٌ لِأَنَّ الْقَصْدَ تَعْظِيمُ الْقِبْلَةِ لَا السِّتْرِ قَالَ لَا يُقَالُ تَعْظِيمًا إنَّمَا يَحْصُلُ بِحَجْبِ عَوْرَتِهِ عَنْهَا لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ بِحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ وَالْجِمَاعِ إلَيْهَا. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ فَأَقَلَّ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ فَذَهَبَ أَيْ الْعَدَدُ نَازِلًا عَنْ الثَّلَاثَةِ ع ش (قَوْلُهُ: بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ) أَيْ الْمُعْتَدِلِ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِرْخَاءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ السِّتْرُ بِإِرْخَاءِ ذَيْلِهِ (قَوْلُهُ: فِي تَذْنِيبِهِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ اسْمُ كِتَابٍ صَغِيرٍ جَعَلَهُ لِلشَّرْحِ الْكَبِيرِ كَالدَّقَائِقِ لِلْمِنْهَاجِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمَانِ) يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَى الْوَلِيِّ مَنْعُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ بِلَا سَاتِرٍ سم وَانْظُرْ لَوْ اسْتَقْبَلَ الْخُنْثَى الْبَوْلَ مِنْ أَحَدِ الْفَرْجَيْنِ هَلْ يَحْرُمُ، أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الِاحْتِيَاطِ كَمَا فِي تَحْرِيمِ شَوْبَرِيٍّ. أَقُولُ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ بِعَيْنِ الْفَرْجِ وَمَا ذُكِرَ لَمْ يَتَحَقَّقْ كَوْنُهُ فَرْجًا وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَتَحْرِيمِ الْحَرِيرِ بِأَنَّ ذَاكَ تَحَقَّقَ كَوْنَهُ حَرِيرًا وَشُكَّ فِي زِيَادَتِهِ عَلَى الْقُطْنِ مَثَلًا وَعَدَمِهَا فَقُلْنَا لِلتَّحْرِيمِ احْتِيَاطًا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ الْحُرْمَةُ عَلَى الرَّجُلِ. وَقُلْنَا بِالْجَوَازِ هُنَا لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ عَيْنَ الْفَرْجِ ع ش.
(قَوْلُهُ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَتَيْتُمْ إلَخْ) الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَيَحْرُمَانِ بِدُونِهِ، وَالثَّانِي دَلِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَالثُّلُثُ دَلِيلٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدُ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمُعَدِّ إلَخْ، وَقَدَّمَهُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْجَمْعِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ دَلِيلٌ لِجَوَازِ الِاسْتِقْبَالِ فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ مَعَ السَّاتِرِ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الْإِطْفِيحِيُّ إنَّ مُقْعَدَتَهُ وَهِيَ لَبِنَتَانِ كَانَتَا غَيْرَ مُعَدَّتَيْنِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ كَانَ يَنْقُلُهُمَا حَيْثُمَا أَرَادَ لَكِنَّ الَّذِي قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ أَنَّهُمَا كَانَتَا أُعَدَّتَيْنِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ) أَيْ الْمَكَانَ الْمُهَيَّأَ لِذَلِكَ وَيَجُوزُ حَمْلُ أَتَيْتُمْ عَلَى أَرَدْتُمْ وَالْغَائِطُ عَلَى فِعْلِهِ وَهُوَ إخْرَاجُ الْفَضْلَةِ الْمَخْصُوصَةِ اهـ.
ع ش وَقَوْلُهُ: الْمُهَيَّأُ لِذَلِكَ الْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْمُعَدِّ لِأَنَّ الْمُعَدَّ لَا حُرْمَةَ فِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ وَلَا خِلَافُ الْأَوْلَى وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِالْغَائِطِ الْمَكَانُ الْمُنْخَفِضُ (قَوْلُهُ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا) قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ نَهْيُهُ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ، أَنَّهُ يَجِبُ مَنْعُهُ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ حَيْثُ امْتَنَعَا عَلَى الْمُكَلَّفِ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الْوَلِيِّ أَيْضًا لِأَنَّ إزَالَةَ الْمُنْكَرِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَاجِبَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ الْفَاعِلُ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ (قَوْلُهُ: بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ) أَيْ وَلَا غَيْرِهِمَا كَالدَّمِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِالْأَصْلِيِّ أَوْ بِالثُّقْبِ إذَا كَانَ الِانْسِدَادُ خِلْقِيًّا وَهُمَا أَيْ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ رَاجِعَانِ لِكُلٍّ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر وَقَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: هُمَا عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ أَيْ لَا تَسْتَقْبِلُوهَا بِبَوْلٍ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِغَائِطٍ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ جَعْلُ الشَّيْءِ قُبَالَةَ الْوَجْهِ وَالِاسْتِدْبَارُ جَعْلُ الشَّيْءِ جِهَةَ دُبُرِهِ فَلَوْ اسْتَقْبَلَ وَتَغَوَّطَ، أَوْ اسْتَدْبَرَ وَبَالَ لَمْ يَحْرُمْ وَكَذَا لَوْ اسْتَقْبَلَ وَلَوَى ذَكَرَهُ يَمِينًا أَوْ يَسَارًا اهـ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَحْرُمْ مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُ الزِّيَادِيِّ نَقْلًا عَنْ عَمِيرَةَ بِالْحُرْمَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَأَجَابَ الشَّيْخُ عَبْدُهُ بِأَنَّ صُورَةَ مَا قَالَهُ عَمِيرَةُ؛ بِأَنْ اسْتَدْبَرَ فِي الْبَوْلِ وَثَنَى ذَكَرَهُ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ وَاسْتَقْبَلَ فِي الْغَائِطِ وَانْحَنَى لِجِهَةِ ظَهْرِهِ، أَوْ اسْتَلْقَى فَصَارَ مُسْتَقْبِلًا بِالْغَائِطِ اهـ.
وَقِيلَ إنَّ الزِّيَادِيَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ ح ف وَأَمَّا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهُمَا دُونَ اسْتِدْبَارِهِمَا وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَا سَاتِرَ كَالْقِبْلَةِ بَلْ أَوْلَى وَمِنْهُ السَّحَابُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
حَجّ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا) فَإِنْ قُلْت إنْ شَرَّقْنَا اسْتَقْبَلْنَا وَإِنْ غَرَّبْنَا اسْتَدْبَرْنَا. قُلْت هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ دَانَاهُمْ فَإِنَّهُمْ إنْ شَرَّقُوا لَمْ يَسْتَقْبِلُوا وَإِنْ غَرَّبُوا لَمْ يَسْتَدْبِرُوا ز ي وَلَوْ هَبَّتْ رِيحٌ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ وَيَسَارِهَا جَازَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ أَيْ جَازَ الْمُمْكِنُ مِنْهُمَا فَإِنْ تَعَارَضَا بِأَنْ أَمْكَنَا وَجَبَ الِاسْتِدْبَارُ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ أَفْحَشُ شَرْحُ م ر سم (قَوْلُهُ: فِي بَيْتِ حَفْصَةَ) أَيْ فِي الْمَحَلِّ الْمُعَدِّ لِذَلِكَ حَجّ وَقَالَ م ر فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ مَعَ السَّاتِرِ وَتَبِعَهُ الْحَلَبِيُّ وَكَلَامُ الشَّارِحِ الْآتِي يَدُلُّ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute