للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَ) عَفَوْت (عَمَّا يَحْدُثُ) مِنْ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَفَا عَنْ مُوجَبِ جِنَايَةِ مَوْجُودَةٌ فَلَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهَا، وَالْعَفْوُ عَمَّا يَحْدُثُ بَاطِلًا لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا يَجِبُ (إلَّا إنْ عَفَا عَنْهُ) أَيْ عَمَّا يَحْدُثُ (بِلَفْظِ وَصِيَّةٍ) كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِأَرْشِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ وَبِأَرْشِ مَا يَحْدُثُ مِنْهَا فَيَصِحُّ وَيَسْقُطُ أَرْشُ الْعُضْوِ مَعَ أَرْشِ مَا يَحْدُثُ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ زِيَادَتِي

(وَمَنْ لَهُ قَوَدُ نَفْسٍ بِسِرَايَةِ) قَطْعِ (طَرَفٍ فَعَفَا عَنْهَا فَلَا قَطْعَ) لَهُ لِأَنَّ مُسْتَحَقَّهُ الْقَتْلُ، وَالْقَطْعُ طَرِيقُهُ وَقَدْ عَفَا عَنْ مُسْتَحَقِّهِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الْقَطْعَ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَسِيطِ (أَوْ) عَفَا (عَنْ الطَّرَفِ فَلَهُ حَزُّ الرَّقَبَةِ) لِاسْتِحْقَاقِهِ لَهُ (وَلَوْ قَطَعَهُ) الْمُسْتَحِقُّ (ثُمَّ عَفَا عَنْ النَّفْسِ) مَجَّانًا أَوْ بِعِوَضٍ (فَسَرَى الْقَطْعُ) إلَى النَّفْسِ (بَانَ بُطْلَانُ الْعَفْوِ) فَتَقَعُ السِّرَايَةُ قَوَدًا لِأَنَّ السَّبَبَ وُجِدَ قَبْلَهُ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الْعَفْوُ وَفَائِدَةُ بُطْلَانِهِ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ عَفَا بِعِوَضٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ فَإِنْ لَمْ يَسْرِ صَحَّ الْعَفْوُ فَلَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ لِقَطْعِ الْعُضْوِ لِأَنَّهُ قَطَعَ عُضْوَ مَنْ يُبَاحُ لَهُ دَمُهُ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ مُرْتَدٍّ، وَالْعَفْوُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيمَا بَقِيَ لَا فِيمَا اسْتَوْفَى (وَلَوْ وَكَّلَ) بِاسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ (ثُمَّ عَفَا) عَنْهُ (فَاقْتَصَّ الْوَكِيلُ جَاهِلًا) عَفْوَهُ (فَعَلَيْهِ دِيَةٌ) لِوَرَثَةِ الْجَانِي لِأَنَّهُ بَانَ قَتْلُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ وَلَا دِيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ (وَلَا يَرْجِعُ بِهَا) عَلَى عَافٍ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ

(وَلَوْ لَزِمَهَا) أَيْ امْرَأَةً (قَوَدٌ فَنَكَحَهَا بِهِ مُسْتَحِقُّهُ جَازَ) لِأَنَّهُ عِوَضٌ مَقْصُودٌ (وَسَقَطَ) الْقَوَدُ لِمِلْكِهَا قَوَدَ نَفْسِهَا (فَإِنْ فَارَقَ) هَا (قَبْلَ وَطْءٍ رَجَعَ بِنِصْفِ أَرْشٍ) لِتِلْكَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ

[دَرْس] (كِتَابُ الدِّيَاتِ)

جَمْعُ دِيَةٍ وَهِيَ الْمَالُ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْحُرِّ فِي نَفْسٍ أَوْ فِيمَا دُونَهَا وَهَاؤُهَا عِوَضٌ مِنْ فَاءِ الْكَلِمَةِ وَهِيَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْآتِي إلَّا إنْ عَفَا عَنْهُ. إلَخْ وَحَرِّرْ هَذَا الْمَحَلَّ فَإِنَّ فِيهِ خَفَاءً ح ل وَقَوْلُهُ لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ: إلَخْ أَيْ:؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ عَامٍّ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ وَلَوْ بِلَفْظِ وَصِيَّةٍ إذْ هُوَ الْمُتَوَهَّمُ بِدَلِيلِ الصِّحَّةِ إذَا كَانَ الْعَفْوُ بِهِ فَهُوَ تَعْمِيمٌ فِي الْعَفْوِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَفَا إلَخْ تَعْلِيلٌ لِلْمَطْوِيِّ تَحْتَ الْغَايَةِ، وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ وَعَمَّا يَحْدُثُ وَقَوْلُهُ، وَالْعَفْوُ عَمَّا يَحْدُثُ بَاطِلٌ تَعْلِيلٌ لِلْغَايَةِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ صِحَّةَ الْعَفْوِ عَنْ قَوَدِ السِّرَايَةِ مَعَ أَنَّهَا سَتَحْدُثُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا صَحَّ لِوُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْجِنَايَةُ عَلَى الْعُضْوِ فَكَأَنَّهُ مَوْجُودٌ كَمَا أَشَارَ لَهُ ح ل وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ سَبَبَ الْأَرْشِ قَدْ وُجِدَ أَيْضًا، وَهُوَ قَطْعُ الْعُضْوِ تَأَمَّلْ وَعِبَارَةُ سم وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالسِّرَايَةُ أَيْ:؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ تَوَلَّدَتْ مِنْ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فَانْتَهَضَتْ شُبْهَةً لِدَرْءِ الْقِصَاصِ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ مَا قَدْ يُقَالُ لَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ عَنْ قَوَدِ السِّرَايَةِ دُونَ أَرْشِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَرْشَهَا لَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ) ، وَهُوَ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ. إلَخْ

. (قَوْلُهُ: بِسِرَايَةٍ) خَرَجَ بِالسِّرَايَةِ الْمُبَاشَرَةُ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ فَالْقِصَاصُ مُسْتَحَقٌّ فِيهِمَا أَصَالَةً فَلَوْ عَفَا عَنْ النَّفْسِ لَمْ يَسْقُطْ قِصَاصُ الطَّرَفِ وَبِالْعَكْسِ س ل (قَوْلُهُ: فَعَفَا عَنْهَا) أَيْ: السِّرَايَةِ أَوْ النَّفْسِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ) إلَّا إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ لِلنَّفْسِ غَيْرَ مُسْتَحِقِّ الطَّرَفِ كَأَنْ قُطِعَتْ يَدُ رَقِيقٍ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ سِرَايَةً فَقِصَاصُ النَّفْسِ لِوَرَثَةِ الْعَتِيقِ وَقِصَاصُ الْيَدِ لِلسَّيِّدِ وَلَا شَكَّ حِينَئِذٍ أَنَّ عَفْوَ أَحَدِهِمَا لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْآخَرِ س ل (قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ الْقَطْعَ) ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ: فَلَهُ حَزُّ الرَّقَبَةِ) وَلَيْسَ هَذَا عَفْوًا عَنْ بَعْضِ الْقَوَدِ حَتَّى يَسْقُطَ بَلْ عَنْ طَرِيقٍ مَخْصُوصٍ لَهُ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَطَعَهُ الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ لِقَطْعِ طَرَفٍ سَرَى إلَى النَّفْسِ كَأَنْ قَطَعَ زَيْدٌ يَدَ عَمْرٍو وَسَرَى إلَى النَّفْسِ ثُمَّ إنَّ وَارِثَ عَمْرٍو قَطَعَ يَدَ زَيْدٍ وَعَفَا عَنْ النَّفْسِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي الدُّخُولِ عَلَى هَذَا وَلَمَّا كَانَ مَنْ لَهُ قِصَاصٌ لِلنَّفْسِ بِسِرَايَةِ طَرَفٍ تَارَةً يَعْفُو وَتَارَةً يَقْطَعُ وَذَكَرَ حُكْمَ الْأَوَّلِ تَمَّمَ بِذِكْرِ الثَّانِي فَقَالَ، وَلَوْ قَطَعَهُ. إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّبَبَ) ، وَهُوَ قَطْعُ الطَّرَفِ وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ أَيْ: الْعَفْوِ وَقَوْلُهُ مُقْتَضَاهُ، وَهُوَ الْمَوْتُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَطَعَ. إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِأَنَّهُ حَالَ قَطْعِهِ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِجُمْلَتِهِ فَانْصَبَّ عَفْوُهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ دِيَةٌ) أَيْ: مُغَلَّظَةٌ وَإِنَّمَا كَانَتْ عَلَيْهِ دُونَ عَاقِلَتِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَثَبُّتِهِ م ر.

(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ وَغَرَضُهُ الِاعْتِذَارُ عَنْ عَدَمِ ذِكْرِ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ فِي الْمَتْنِ مَعَ ذِكْرِ الْأَصْلِ لَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا) مَا لَمْ يُقَصِّرْ فِي إعْلَامِ الْوَكِيلِ بِعَفْوِهِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَ عَنْ شَيْخِنَا عَدَمَ الرُّجُوعِ مُطْلَقًا ح ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى عَافٍ وَإِنْ تَمَكَّنَ الْمُوَكِّلُ مِنْ إعْلَامِهِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ مَعَ كَوْنِ الْوَكِيلِ يُنَاسِبُهُ التَّغْلِيظُ تَنْفِيرًا عَنْ الْوَكَالَةِ فِي الْقَوَدِ لِبِنَائِهِ عَلَى الدَّرْءِ مَا أَمْكَنَ اهـ بِحُرُوفِهِ

(قَوْلُهُ: رَجَعَ بِنِصْفِ أَرْشٍ) وَفِي قَوْلٍ يَرْجِعُ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْبُضْعِ شَرْحُ م ر.

[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

(كِتَابُ الدِّيَاتِ) جَمَعَهَا بِاعْتِبَارِ الْأَنْفُسِ، وَالْأَطْرَافِ، وَالْمَعَانِي ح ل. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمَالُ) أَيْ: شَرْعًا لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَامُوسِ أَنَّهَا لُغَةً الْمَالُ الْوَاجِبُ فِي النَّفْسِ فَقَطْ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ، أَوْ فِيمَا دُونَهَا) أَيْ مِمَّا لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فَلَا يَشْمَلُ مَالًا مُقَدَّرًا لَهُ مِمَّا فِيهِ حُكُومَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ: الدِّيَةُ بِهَذَا اللَّفْظِ بَعْدَ التَّعْوِيضِ فَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ أَخْذُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الدَّوْرُ لِتَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ الدِّيَةِ عَلَى مَعْرِفَتِهَا حَيْثُ جَعَلَهَا جُزْءًا مِنْ تَعْرِيفِ الْوَدْيِ الْمَأْخُوذَةِ هِيَ مِنْهُ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>