آخِرًا فَلَوْ عَيَّدَ) قَبْلَ سَفَرِهِ (ثُمَّ أَدْرَكَهُ) بَعْدَهُ (أَمْسَكَ) مَعَهُمْ وَإِنْ تَمَّ الْعَدَدُ ثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُمْ (أَوْ بِعَكْسِهِ) بِأَنْ سَافَرَ مِنْ الْبَعِيدِ إلَى مَحَلِّ الرُّؤْيَةِ (عَيَّدَ) مَعَهُمْ سَوَاءٌ أَصَامَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ بِأَنْ كَانَ رَمَضَانُ عِنْدَهُمْ نَاقِصًا فَوَقَعَ عِيدُهُ مَعَهُمْ تَاسِعَ عِشْرِينَ مِنْ صَوْمِهِ أَمْ صَامَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ بِأَنْ كَانَ رَمَضَانُ تَامًّا عِنْدَهُمْ
(وَقَضَى يَوْمًا إنْ صَامَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ) يَوْمًا؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَإِنْ صَامَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَلَا قَضَاءَ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ كَذَلِكَ (وَلَا أَثَرَ لِرُؤْيَتِهِ) أَيْ الْهِلَالِ (نَهَارًا) فَلَوْ رُئِيَ فِيهِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ نُفْطِرْ إنْ كَانَ فِي ثُلَاثَيْ رَمَضَانَ وَلَا نُمْسِكُ إنْ كَانَ فِي ثُلَاثَيْ شَعْبَانَ. فَعَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ بِخَانِقِينَ أَنَّ الْأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ فَإِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ نَهَارًا فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالْأَمْسِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَخَانِقِينُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَنُونٍ ثُمَّ قَافٍ مَكْسُورَتَيْنِ بَلْدَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنْ بَغْدَادَ، وَقَوْلِي إنْ صَامَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي
(فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ) (أَرْكَانُهُ) ثَلَاثَةٌ وَعَبَّرَ عَنْهَا الْأَصْلُ بِالشُّرُوطِ فَتَسْمِيَتِي لَهَا أَرْكَانًا كَنَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ زِيَادَتِي أَحَدُهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
إلَى مَحَلِّ الرُّؤْيَةِ فَإِنْ كَانُوا كَذَلِكَ لَزِمَهُمْ حُكْمُ الْهِلَالِ وَمَحَلُّ التَّقْيِيدِ قَوْلُهُ: أَوْ بِعَكْسِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: آخِرًا) أَفْهَمَ قَوْلُهُ: آخِرًا أَنَّهُ لَوْ وَصَلَ تِلْكَ الْبَلَدَ فِي يَوْمِهِ أَيْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يُفْطِرْ وَهُوَ وَجِيهٌ حَجّ شَوْبَرِيٌّ
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: آخِرًا أَيْ فَيَنْوِي الصَّوْمَ إذَا وَصَلَ إلَيْهِمْ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَوْ انْتَقَلَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إلَيْهِمْ لَا يُوَافِقُهُمْ عِنْدَ حَجّ وَيُوَافِقُهُمْ عِنْدَ شَيْخِنَا وَلَوْ كَانَ هُوَ الرَّائِي لِلْهِلَالِ وَعَلَيْهِ يُلْغِزُ وَيُقَالُ إنْسَانٌ رَأَى الْهِلَالَ بِاللَّيْلِ وَأَصْبَحَ مُفْطِرًا بِلَا عُذْرٍ اهـ لِأَنَّهُ يُوَافِقُهُمْ فِي الْفِطْرِ فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: آخِرًا لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: تَاسِعَ عِشْرِينَ مِنْ صَوْمِهِ) أَيْ الْمُتَأَخِّرِ ابْتِدَاؤُهُ عَنْ ابْتِدَاءِ صَوْمِهِمْ بِيَوْمٍ
. (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِرُؤْيَتِهِ نَهَارًا) أَيْ فَلَا يَكُونُ لِلْمَاضِيَةِ فَنُفْطِرُ وَلَا لِلْمُسْتَقْبِلَةِ فَيَثْبُتُ رَمَضَانُ مَثَلًا أَيْ فَلَا يُغْنِي عَنْ رُؤْيَتِهِ بَعْدَ الْغُرُوبِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(فَائِدَةٌ)
سُئِلَ الرَّمْلِيُّ هَلْ الْقَمَرُ فِي كُلِّ شَهْرٍ هُوَ الْمَوْجُودُ فِي الشَّهْرِ الْآخَرِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ فِي كُلِّ شَهْرٍ قَمَرًا جَدِيدًا. إنْ قِيلَ مَا الْحِكْمَةُ فِي كَوْنِ قُرْصِ الشَّمْسِ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ وَقُرْصِ الْقَمَرِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الشَّمْسَ تَسْجُدُ لِلَّهِ تَعَالَى تَحْتَ الْعَرْشِ كُلَّ لَيْلَةٍ وَالْقَمَرَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي السُّجُودِ إلَّا لَيْلَةَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَنْقُصُ وَيَدِقُّ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ اهـ عَبْدُ الْبَرِّ الْأُجْهُورِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ هَذِهِ الْفَائِدَةُ بِتَمَامِهَا غَيْرُ ثَابِتَةٍ فِي النُّسَخِ وَإِنَّمَا أَدْرَجَهَا الْكَاتِبُ مِنْ الْهَامِشِ. وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الشَّوْبَرِيُّ بِمَا صُورَتُهُ تَعَهُّدُ رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ هَلْ تُسَنُّ، أَوْ تَجِبُ وَإِذَا قُلْتُمْ بِالسُّنِّيَّةِ، أَوْ الْوُجُوبِ فَهَلْ يَكُونُ عَلَى الْكِفَايَةِ أَوْ الْأَعْيَانِ وَهَلْ مِثْلُهُ تَعَهُّدُ هِلَالِ شَوَّالٍ لِأَجْلِ الْفِطْرِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَكُونُ هِلَالُ شَعْبَانَ لِأَجْلِ الِاحْتِيَاطِ لِرَمَضَانَ مِثْلُ هِلَالِ رَمَضَانَ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ تَرَائِي هِلَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَهِلَّةِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ الْأَحْكَامِ الْكَثِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (تَتِمَّةٌ)
قَالَ الشَّعْبِيُّ سَعَةُ الْقَمَرِ أَلْفُ فَرْسَخٍ مَكْتُوبٌ فِي وَجْهِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ خَالِقُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ يَبْتَلِي بِذَلِكَ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ وَفِي بَاطِنِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ طُوبَى لِمَنْ أَجْرَى اللَّهُ الْخَيْرَ عَلَى يَدَيْهِ وَالْوَيْلُ لِمَنْ أَجْرَى اللَّهُ الشَّرَّ عَلَى يَدَيْهِ. وَيُقَالُ إنَّ سَعَةَ الشَّمْسِ سَبْعَةُ آلَافِ فَرْسَخٍ وَأَرْبَعُمِائَةِ فَرْسَخٍ فِي مِثْلِهَا مَكْتُوبٌ فِي وَجْهِهَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ خَلَقَ الشَّمْسَ بِقُدْرَتِهِ وَأَجْرَاهَا بِأَمْرِهِ وَفِي بَاطِنِهَا مَكْتُوبٌ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ سُبْحَانَ مَنْ رِضَاهُ كَلَامٌ وَرَحْمَتُهُ كَلَامٌ وَعِقَابُهُ كَلَامٌ سُبْحَانَ الْقَادِرِ وَالْحَكِيمِ الْخَالِقِ الْمُقْتَدِرِ.
قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: وَالْحَقُّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْرُ الْأَرْضِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ مَرَّةً. فَسُبْحَانَ مَنْ لَهُ الْقُدْرَةُ الْبَاهِرَةُ وَالْحِكْمَةُ الظَّاهِرَةُ وَهُوَ اللَّهُ لَا إلَه إلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ كَذَا فِي شَرْحِ لَامِيَّةِ ابْنِ الْوَرْدِيِّ. قَالَ سَيِّدِي عَلِيٌّ الْمِصْرِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: لَا يَسْتَتِرُ الْقَمَرُ أَكْثَرَ مِنْ لَيْلَتَيْنِ آخِرَ الشَّهْرِ أَبَدًا وَيَسْتَتِرُ لَيْلَتَيْنِ إنْ كَانَ كَامِلًا وَلَيْلَةً إنْ كَانَ نَاقِصًا وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِتَارِ فِي اللَّيْلَتَيْنِ أَنْ لَا يَظْهَرَ الْقَمَرُ فِيهِمَا وَيَظْهَرُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَفِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ وَإِذَا اسْتَتَرَ لَيْلَتَيْنِ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةً فِيهِمَا فَاللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أَوَّلُ الشَّهْرِ بِلَا رَيْبٍ وَالتَّفَطُّنُ لِذَلِكَ يَنْبَغِي لِكُلِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّ مَنْ تَفَطَّنَ لَهُ يُغْنِيه عَنْ التَّطَلُّعِ مِنْ رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَلَمْ يَفُتْهُ صَوْمُ يَوْمٍ كَانَ كَامِلًا وَحَدِيثُ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ» إلَخْ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ وَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ عِظَمَ مَنْزِلَةِ رَمَضَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ لَاحْتَاطُوا لَهُ بِصَوْمِ أَيَّامٍ قَبْلَهُ حَتَّى لَا يَفُوتُهُمْ صَوْمُ يَوْمٍ مِنْهُ اهـ وَهُوَ كَلَامٌ نَفِيسٌ فَاحْفَظْهُ.
[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ]
أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَّ إفْطَارٌ بِتَحَرٍّ. (قَوْلُهُ كَنَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّ تَسْمِيَةَ الْأُمُورِ الْوَاجِبَةِ فِي كُلِّ بَابٍ أَرْكَانًا مِنْ هُنَا إلَى آخِرِ الْكِتَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَصْلِ التَّسْمِيَةُ بِالْأَرْكَانِ فِي بَابٍ مِنْ الْأَبْوَابِ غَيْرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِي)